للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسرارَهم. {لَهُمْ (٢٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [محمد: ٢٦ - ٢٨].

أسرُّوا سرائرَ النِّفاق فأظهَرَها الله على صفحاتِ الوجوه منهم وفلَتاتِ اللِّسان، ووسَمهم لأجلها بسيما لا يخفَون بها على أهل البصائر والإيمان. وظنُّوا أنَّهم إذا كتموا كفرَهم وأظهروا إيمانَهم راجُوا على النُّقّاد (١)! والنّاقدُ البصيرُ (٢) قد كشفها لكم: {أَعْمَالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٢٩ - ٣٠].

فكيف بهم إذا جُمِعوا ليوم التَّلاق، وتجلّى الله جلَّ جلالُه للعباد وقد كُشِفَ عن ساقٍ، ودُعُوا إلى السُّجود فلا يستطيعون، {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: ٤٣]!

أم كيف بهم إذا حُشِروا إلى جسر جهنّم، وهو أدقُّ من الشَّعْرة (٣)، وأحَدُّ من الحُسام! وهو دَحْضٌ مزَلَّةٌ مظلمٌ لا يقطعه أحدٌ إلّا بنورٍ يبصر به مواطئَ الأقدام. فقُسِّمت بين النّاس الأنوارُ ــ وهم على قدر تفاوتها في المرور والذَّهاب ــ وأُعْطُوا نورًا ظاهرًا مع أهل الإسلام، كما كانوا بينهم في هذه


(١) ع: "على الصيارف والنقاد".
(٢) ع: "كيف والنقاد البصير".
(٣) ج، ش: "الشعر".

<<  <  ج: ص:  >  >>