للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)} [الحديد: ١٤ - ١٥].

لا تستطِلْ أوصافَ القوم، فالمتروكُ والله أكثَرُ من المذكور! كاد القرآن أن يكون كلُّه في شأنهم، لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور. فلا خلَتْ بقاعُ الأرض منهم لئلَّا يستوحشَ المؤمنون في الطُّرقات، وتتعطَّل بهم أسباب المعيشات، وتتخطَّفَهم الوحوشُ والسِّباعُ في الفلَوات! سمع حذيفة - رضي الله عنه - رجلًا يقول: اللهمَّ أهلِكِ المنافقين، فقال: يا ابنَ أخي، لو أهلك المنافقين (١) لاستوحشتم في طرقاتكم (٢)!

تالله (٣) لقد قطَّع خوفُ النِّفاق قلوبَ السّابقين الأوّلين، ولعلمهم بدِقِّه وجِلِّه وتفاصيلهِ وجُمَلِه ساءت (٤) ظنونهم بأنفسهم حتّى خشُوا أن يكونوا من جملة المنافقين. قال عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - لحذيفة بن اليمان: يا حذيفةُ، نشدتُك بالله، هل سمَّاني لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم؟ فقال: لا، ولا أزكِّي بعدك أحدًا (٥).


(١) ع: "هلك المنافقون".
(٢) بعده في ع: "لقلّة السالك". أخرج الخرائطي في "اعتلال القلوب" (٣٧٧) و"مساوئ الأخلاق" (٣٠٣) وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (٩٣٤، ٩٣٥) من قول الحسن: "لولا المنافقون لاستوحشتم في الطرق"، وهذا لفظ "الإبانة". وانظر: "قوت القلوب" (٢/ ٢٢٩). ونحوه في "الإبانة" (٩٣٦) أيضًا عن الشعبي. أما قول حذيفة فأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (٣٠٤) وابن بطة في "الإبانة" (٩٣٣) بلفظ: "لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم". وكأنَّ ما ورد هنا ملفَّق من القولين.
(٣) ل، ع: "بالله". ج: "يالله".
(٤) السياق في ع: "الأولين لعلمهم ... وساءت".
(٥) أخرجه وكيع في "الزهد" (٤٧٧) وابن أبي شيبة (٣٨٥٤٥) من طريقين عن زيد بن وهب بنحوه، وإسناده صحيح. وأخرجه البزار في "المسند" (٢٨٨٥) بنحوه من طريق آخر عن وائل عن حذيفة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ٤٢): "ورجاله ثقات". وقال ابن حجر في "مختصر زوائد البزار" (٥٩٠): "إسناده صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>