للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضدُّ الذَّنب الذي ارتكبه وهتَك به عرضَ المسلم المحصَن، فلا تحصل التَّوبةُ منه إلّا بإكذابه نفسَه، لينتفي عن المقذوف العارُ الذي ألحقه به بالقذف، وهو مقصودُ التَّوبة.

وأمّا من قال: إنَّ توبته أن يقول: أستغفر الله من القذف، ويعترفَ بتحريمه، فقولٌ ضعيفٌ لأنَّ هذا لا مصلحةَ فيه للمقذوف، ولا يحصل له به براءةُ عرضه ممَّا قذفه به، فلا يحصل به مقصودُ التَّوبة من هذا الذَّنب؛ فإنَّ فيه حقَّين: حقًّا لله، وهو تحريمُ القذف، فتوبتُه منه باستغفاره، واعترافه بتحريم القذف، وندمه عليه، وعزمه على أن لا يعود. وحقًّا للعبد، وهو إلحاقُ العار به، فتوبتُه منه بتكذيبه نفسَه. فالتَّوبةُ من هذا الذَّنب بمجموع الأمرين.

فإن قيل: إذا كان صادقًا قد عاين الزِّنى، فأخبر به، فكيف يسوغ له تكذيبُ نفسه وقذفُها بالذَّنب، ويكون ذلك من تمام توبته؟

قيل: هذا هو الإشكال الذي قال صاحبُ هذا القول لأجله: إنَّ توبتَه الاعترافُ بتحريم القذف والاستغفارُ منه. وهو موضعٌ يحتاج فيه إلى بيان الكذب الذي (١) حَكَم الله به على القاذف وأخبَر أنّه كاذبٌ عنده، ولو كان خبره مطابقًا للواقع، فنقول:

الكذب يراد به أمران:

أحدهما: الخبرُ الغيرُ المطابقِ (٢) لمُخْبَرِه. وهو نوعان: كذبٌ عمدٌ، وكذبٌ خطأٌ. فكذبُ العمد معروفٌ. وكذبُ الخطأ ككذب أبي السَّنابل في


(١) "الذي" ساقط من ش.
(٢) ش: "الغير مطابق".

<<  <  ج: ص:  >  >>