للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولأنّها إذا فات وقتها المحدود لها شرعًا لم تبق تلك العبادةُ بعينها، ولكن شيءٌ آخر غيرها، فإذا فُعِلَت العصرُ بعد غروب الشَّمس لم تكن عصرًا، فإنَّ العصرَ صلاةُ هذا الوقت المحدود، وهذه ليست عصرًا فلم يفعل مصلِّيها العصرَ البتّة، وإنّما أتى بأربع ركعاتٍ صورتُها صورةُ صلاة العصر، لا أنّها هي.

قالوا: وقد ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "من ترك صلاةَ العصر حبِطَ عملُه" (١). وفي لفظٍ: "الَّذي تفوته صلاةُ العصر فكأنّما وُتِرَ أهلَه ومالَه" (٢). فلو كان له سبيلٌ إلى التَّدارك وفعلها صحيحةً لم يحبَط عملُه ولم يوتَر أهلَه ومالَه مع صحَّتها منه وقبولها، لأنَّ معصيةَ التّأخير عندكم لا تُحقِّق التَّركَ والفواتَ، لاستدراكه بالفعل في الوقت الثَّاني.

قالوا: وهذه الصَّلاةُ مردودةٌ بنصِّ الشَّارع، فلا يسوغ أن يقال بقبولها وصحَّتها، مع تصريحه بردِّها وإلغائها كما ثبت في "الصَّحيح" (٣) عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ". وفي لفظٍ: "كلُّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ" (٤). وهذا عملٌ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٢)، ومسلم (٦٢٦) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٣) أخرجه مسلم (١٧١٨).
(٤) لم أجد هذا اللفظ مسندًا، وقد ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ٨٢، ٩١ و ١٤/ ١٦، ٧٣) وفي "الاستذكار" (٢/ ٣٤٦، ٥/ ٤٦٦) والنووي في "المجموع" (١٢/ ١١٩) والحافظ في "الفتح" (١٣/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>