للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فنقلُ الصَّلاة المحدودة الوقت أوّلًا وآخرًا عن زمنها إلى زمنٍ آخر كنقل الوقوف بعرفة عن زمنه إلى زمنٍ آخرَ، ونقل أشهر الحجِّ عن زمنها إلى زمنٍ آخَر.

قالوا: فأيُّ فرقٍ بين مَن نقَلَ صوم رمضان إلى شوَّالٍ أو صلَّى العصر نصفَ اللَّيل وبين من حَجَّ في المحرَّم ووقف فيه؟ فكيف تصحُّ صلاةُ هذا وصيامُه دون حجِّ هذا، وكلاهما مخالفٌ لأمر الله عاصٍ آثمٌ؟

قالوا: فحقوق الله تعالى الموقَّتة لا يقبلها في غير أوقاتها، فكما لا يَقْبل (١) قبل دخول أوقاتها (٢) لا يَقْبل بعد خروج أوقاتها. فلو قال: أنا أصوم شوَّالَ عن رمضان كان (٣) كما لو قال: أنا أصومُ شعبانَ الذي قبله عنه.

قالوا: فالحقُّ اللَّيليُّ لا يُقبل بالنَّهار، والنَّهاريُّ لا يُقبَل باللَّيل، ولهذا جاء في وصيّة الصِّدِّيق - رضي الله عنه - لعمر - رضي الله عنه - التي تلقَّاها بالقبول هو وسائر الصَّحابة - رضي الله عنهم -: واعلم أنَّ لله حقًّا باللَّيل لا يقبله بالنَّهار، وله حقٌّ بالنَّهار لا يقبله باللَّيل (٤).


(١) كذا بالياء في الأصل هنا وفيما يأتي، وفي ش: "تقبل"، وأهمل حرف المضارع في غيرهما.
(٢) ش: "الوقت".
(٣) "كان" من ش.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور (٩٤٢ - التفسير) وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٦) عن عبد الرحمن بن سابط، وابن المبارك في "الزهد" (٩١٤) وابن أبي شيبة (٣٥٥٧٤، ٣٨٢١١) وأبو داود في "الزهد" (٢٩) عن زُبيد اليامي، والربعي في "الوصايا" (ص ٣٤ - ٣٥) عن قتادة، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ٤١٤) عن ابن أبي نجيح. وهذه الروايات ــ وإن كانت مراسيل، لأن أصحابها لم يدركوا أبا بكر - رضي الله عنه - ــ تعضد بعضها بعضًا، وتجعل للوصية أصلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>