للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى وقوعه على الوجه المأمور به، فلا سبيل إلى صحَّته. وإن فُسِّرت (١) بما أبرأ الذِّمّةَ، فهذه لم تُبرئ الذِّمَّةَ من الإثم قطعًا، ولم يثبُت بدليلٍ يجب المصيرُ إليه إبراؤها للذِّمَّة من توجُّهِ المطالبة بالمأمور.

قالوا: ولأنَّ الصَّحيحَ من العبادات ما اعتبره الشَّارعُ ورضِيه وقبِله، وهذا لا يُعلَم إلّا بإخباره عن صحَّتها أو بموافقتها أمرَه، وكلاهما منتفٍ عن هذه العبادة، فكيف يُحكَم لها بالصِّحَّة؟

قالوا: فالصِّحَّةُ والفسادُ حكمان شرعيَّان مرجعُهما إلى الشَّارع.

فالصَّحيحُ: ما شهد له بالصِّحّةَ أو عُلِمَ أنَّه وافق أمرَه، أو كان مماثلًا لما شهد له بالصِّحَّة فيكون حكمُ المثل حكمَ مثلِه. وهذه العبادة قد انتفى عنها كلُّ واحدٍ من هذه الأمور. ومِن أفسَدِ الاعتبار اعتبارُها بالتَّأخير المعذور به أو المأذون فيه، وهو اعتبارُ الشَّيء بضدِّه، وقياسُه على مخالفه في الحقيقة والشَّرع، وهو من أفسَد القياس كما سيأتي (٢).

قالوا: وأمَّا استدلالُكم بقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاةٍ أو نسيها فَلْيصلِّها إذا ذكرها" (٣)، فأوجب القضاءَ على المعذور، فالمفرِّطُ أولى= فهذه الحجّةُ إلى أن تكون عليكم أقرَبُ منها أن تكون لكم! فإنَّ صاحبَ الشَّرع شرَطَ في فعلها بعد الوقت أن يكون التَّركُ عن نومٍ أو نسيانٍ، والمعلَّقُ


(١) ل، ش: "فسِّر", وكذا كان في ع، فزاد بعضهم التاء من نسخة. وضرب بعضهم على التاء في ق.
(٢) "كما سيأتي" ساقط من ش.
(٣) تقدم قريبًا (ص ٥٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>