للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجبنا بالجواب المركَّب، فنقول: إن كان تركُ الجمعة مساويًا لترك الصَّلاة حتّى يخرج وقتها فالحكم في الصُّورتين (١) واحدٌ، ولا فرق حينئذٍ، عملًا بما ذكرنا من الدَّليل. وإن كان بينهما فرقٌ مؤثِّرٌ بطل الإلحاقُ، فامتنع القياس. فعلى التَّقديرين بطَل القياس.

قالوا: وأمَّا تأخيرُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العصر يوم الأحزاب إلى غروب الشَّمس، فللنّاس في هذا التّأخير، هل هو منسوخٌ أم لا؟ قولان (٢): فقال الجمهور كأحمد والشّافعيِّ ومالكٍ: هذا كان قبل نزول صلاة الخوف، ثمَّ نُسِخَ بصلاة الخوف، فكان (٣) ذلك التّأخيرُ كتأخير الجمع بين الصَّلاتين. فلا يجوز اعتبارُ التَّرك المحرَّم به، ويكون الفرقُ بينهما كالفرق بين تأخير النَّائم والنَّاسي وتأخير المفرِّط، بل أولى لأنَّ هذا التّأخير حينئذٍ مأمورٌ به، فهو كتأخير المغرب ليلةَ جمعٍ إلى مزدلفة. والقولُ الثَّاني: أنّه ليس بمنسوخٍ، بل هو باقٍ، وللمقاتل تأخيرُ الصَّلاة حال اشتغاله (٤) بالحرب والمسايفة، وفعلُها عند تمكُّنه منها (٥). وهذا قول أبي حنيفة، ويذكر روايةً عن أحمد. وعلى التَّقديرين، فلا يصحُّ إلحاقُ تأخير العامد المفرِّط به.


(١) ش: "الصلاتين".
(٢) انظر: "المغني" (٣/ ٣١٦ - ٣١٨)، و"جامع المسائل" (٥/ ٣٥٣، ٦/ ٣١٧)، و"الإنصاف" (٢/ ٣٥٩). وانظر: "زاد المعاد" (٣/ ١٥٦)، و"كتاب الصلاة" (ص ١٨٦ - ١٨٨).
(٣) ع: "وكان".
(٤) ع: "حال القتال واشتغاله".
(٥) "منها" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>