أو إلى ورَثتهم لجهله بهم أو لانقراضهم وغير ذلك؛ فاختلف في توبة مثل هذا (١).
فقالت طائفةٌ: لا توبةَ له إلّا بأداء هذه المظالم إلى أربابها. فإذا كان ذلك قد تعذَّر عليه تعذَّرت عليه التَّوبةُ، والقِصاصُ أمامه يوم القيامة بالحسنات والسّيِّئات ليس إلَّا.
قالوا: فإنّ هذا حقُ آدميٍّ لم يصل إليه، والله تعالى لا يترك من حقوق عباده شيئًا، بل يستوفيها لبعضهم من بعضٍ، ولا يجاوزه ظلمُ ظالمٍ، فلا بدَّ أن يأخذ للمظلوم حقَّه من ظالمه، ولو لَطْمةً، ولو كَلْمةً، ولو رَمْيةً بحجرٍ.
قالوا: وأقربُ ما لهذا في تدارك الفارط منه أن يستكثر من الحسنات ليتمكَّن من الوفاء منها يومَ لا يكون الوفاءُ بدينارٍ ولا درهمٍ، فيتَّجر تجارةً يمكنه الوفاءُ منها. ومن أنفع ما له: الصَّبرُ على ظلم غيره له وأذاه وغيبته وقذفه، فلا يستوفي حقَّه في الدُّنيا ولا يقابله، ليُحيلَ خصمَه عليه إذا أفلس من حسناته؛ فإنَّه كما يؤخذ منه ما عليه، يستوفي أيضًا ما له، وقد يتساويان، وقد يزيد أحدهما على الآخر.
ثمّ اختلف هؤلاء في حكم ما بيده من الأموال، فقالت طائفةٌ: يُوقِفُ أمرَها ولا يتصرَّف فيها البتّة. وقالت طائفةٌ: يدفعها إلى الإمام أو نائبه، لأنّه وكيل أربابها، فيحفظها لهم، ويكون حكمُها حكمَ الأموال الضَّائعة.