للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت طائفةٌ أخرى: بل بابُ التَّوبة مفتوحٌ لهذا، ولم يُغلق (١) الله عنه ولا عن مذنبٍ بابَ التوبة، وتوبتُه أن يتصدَّق بتلك الأموال عن أربابها. فإذا كان يومُ استيفاء الحقوق كان لهم الخيارُ بين أن يُجيزوا ما فعَل وتكون أجورُها لهم، وبين أن لا يجيزوا ويأخذوا من حسناته بقدر أموالهم فيكون (٢) ثوابُ تلك الصَّدقة له، إذ لا يبطل الله سبحانه ثوابَها، ولا يجمع لأربابها بين العوض والمعوَّض (٣)، فيغرِّمَه إيَّاها ويجعلَ أجرَها لهم، وقد غُرِّم من حسناته بقدرها.

وهذا مذهب جماعةٍ من الصَّحابة - رضي الله عنهم -، كما هو مرويٌّ عن ابن مسعودٍ، ومعاوية، وحجّاج بن الشّاعر (٤).

فاشترى ابن مسعودٍ من رجلٍ جاريةً، ودخل يزن له الثَّمنَ، فذهب ربُّ الجارية، فانتظره حتّى يئس من عَوده، فتصدَّقَ بالثَّمن وقال: اللهمَّ هذا عن ربِّ الجارية، فإن رضي فالأجرُ له، وإن أبى فالأجرُ لي وله من حسناتي بقدره (٥).


(١) ع: "ولم يغلقه"، فلم يرد فيها "بابَ التوبة" في آخر الجملة.
(٢) ع: "ويكون".
(٣) في ش بعدها زيادة: "عنه".
(٤) كذا في النسخ، والصواب: "عبد الله بن الشاعر". قال البخاري في "التاريخ الكبير" (٥/ ١١٧) في ترجمته: "روى عنه حوشب بن سيف قوله في الغلول إذا تفرَّق الجيش". وهو من التابعين. وحجَّاج بن الشاعر توفي سنة ٢٥٩. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (١٢/ ٣٠١).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في "المصنَّف" (١٨٦٣١) وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢١١٦٩، ٢٢٠٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>