للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمنُ أشدُّ رضًا (١).

ونظيرُ هذا: مريضٌ عجز أصحابه في السّفر أو الحضر عن استئذانه في إخراج شيءٍ من ماله في علاجه، وخِيفَ عليه، فإنَّهم يُخرجون من ماله ما هو مضطرٌّ إليه بدون استئذانه بناءً على العرف في ذلك.

ونظائرُ ذلك ممَّا مصلحتُه وحسنُه مستقرٌّ في فِطَر الخلق، ولا تأتي شريعةٌ بتحريمه= كثيرٌ (٢).

وإذا ثبت ذلك، فمن المعلوم أنَّ صاحبَ هذا المال الذي قد حيل بينه وبينه أشدُّ شيءٍ رضًا بوصول نفعه الأخرويِّ إليه، وهو أكرَهُ شيءٍ لتعطيله أو إبقائه مقطوعًا عن الانتفاع به دنيا وأخرى؛ وإذا وصل إليه ثوابُ ماله سرَّه ذلك أعظمَ من سروره بوصوله إليه في الدُّنيا. فكيف يقال: مصلحةُ تعطيل هذا المال عن انتفاع الميِّت (٣) والمساكين ومَن هو بيده أرجَحُ من مصلحة إنفاقه شرعًا؟ بل أيُّ مصلحةٍ دينيَّةٍ أو دنيويَّةٍ في هذا التَّعطيل؟ وهل هو إلّا محضُ المفسدة؟

ولقد سئل شيخُنا أبو العبَّاس ابن تيميَّة قدَّس الله روحَه، سأله شيخٌ فقال: هربتُ من أستاذي وأنا صغيرٌ، إلى الآن لم أطَّلع له على خبرٍ، وأنا مملوكٌ، وقد خفتُ من الله، وأريد براءة ذمّتي من حقِّ أستاذي من رقبتي. وقد سألتُ جماعةً من المفتين، فقالوا لي: اذهب، فاقعد في المستودَع! فضحك شيخنا،


(١) كذا وقعت العبارة في النسخ "بأن يرضى به" يعني: بأن يحصل له المشترى.
(٢) لم ترد كلمة "كثير" في ع، وهي مضروب عليها في ق، ل.
(٣) ش: "هذا الميت".

<<  <  ج: ص:  >  >>