تصحُّ إلّا بأحدهما، وكلاهما متعذّرٌ على القاتل، فكيف تصحُّ توبتُه من حقِّ آدميٍّ لم يصل إليه ولم يستحلَّه منه؟
ولا يرِدُ عليهم هذا في المال إذا مات ربُّه ولم يوفِّه إيّاه، لأنّه يتمكَّن من إيصال نظيره إليه بالصَّدقة.
قالوا: ولا يرِدُ علينا أنَّ الشِّركَ أعظم من القتل وتصحُّ التَّوبةُ منه، فإنَّ ذلك محضُ حقِّ الله تعالى، فالتّوبة منه ممكنةٌ. وأمّا حقُّ الآدميِّ فالتَّوبةُ منه موقوفةٌ على أدائه واستحلاله، وقد تعذَّر.
واحتجَّ الجمهور بقوله تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: ٥٣]، فهذه في حقِّ التَّائب. وبقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨]، فهذه في حقِّ غير التّائب; لأنّه فرَّقَ بين الشِّرك وما دونه، وعلَّق المغفرة بالمشيئة، فخصَّص وعلَّق؛ وفي التي قبلها عمَّمَ وأطلَقَ.
واحتجُّوا بقوله تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[طه: ٨٢]. فإذا تاب هذا القاتلُ وآمن وعمل صالحًا، فالله عزَّ وجلَّ غفّارٌ له.
قالوا: وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حديثُ الذي قتل المائةَ، ثمَّ تاب فنفعته توبتُه، وأُلحقَ بالقرية الصَّالحة التي خرج إليها (١). وصحَّ عنه من حديث عبادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، وحوله عصابةٌ من