للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضّلال، والسَّعادة والشَّقاوة (١) كلُّ ذلك بيد الله لا بيد غيره، وأنّه الذي يقلِّب القلوب ويصرِّفها كيف يشاء، وأنَّه لا موفَّق إلّا من وفَّقه وأعانه، ولا مخذول إلَّا من خذله (٢) وتخلَّى عنه= اتَّخذه (٣) وحده إلهًا ومعبودًا، فكان أحبَّ إليه من كلِّ ما سواه، وأخوف عنده من كلِّ ما سواه، وأرجى له من كلِّ ما سواه، فتتقدّم محبَّتُه في قلبه جميع المحابِّ، فتنساق المحابُّ تبعًا لها كما ينساق الجيش تبعًا للسُّلطان، ويتقدَّم خوفُه في قلبه جميع المخاوف، فتنساق المخاوف كلُّها تبعًا لخوفه، ويتقدَّم رجاؤه في قلبه جميع الرّجاء، فينساق كلُّ رجاءٍ له تبعًا لرجائه. فهذا علامة توحيد الإلهيَّة (٤)، والبابُ الذي دخل إليه منه: توحيد الرُّبوبيَّة (٥)، كما يدعو سبحانه عبادَه في كتابه بهذا النَّوع من التَّوحيد إلى النَّوع الآخر، ويحتجُّ عليهم به، ويقرِّرهم به، ثمّ يخبر أنّهم يَنقضونه بشِرْكهم به (٦)

في الإلهيَّة.

وفي هذا المشهد يتحقَّق له مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: ٨٧] أي: فمِن أين يُصرَفون


(١) ع: «والشقاء».
(٢) في ع زيادة: «وأهانه».
(٣) جواب: «فإنه إذا تيقَّن ... ». والسياق في ع: « ... وتخلَّى عنه، وإن أصحَّ القلوب وأسلمها وأقومها وأرقَّها وأصفاها وأسدَّها وألينها من اتخذه». زيادة مقحمة أفسدت السياق وأخْلت «إذا» عن الجواب.
(٤) في ع زيادة: «في هذا القلب».
(٥) في ع زيادة: «أي: باب توحيد الإلهية توحيد الربوبية، فإن أول ما يتعلق القلب بتوحيد الربوبية ثم يرتقي إلى توحيد الإلهية».
(٦) «به» ساقط من ج، ن ..

<<  <  ج: ص:  >  >>