للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعموم مشيئة الله للكائنات، وأثبتوا الأسباب والحكم والغايات والمصالح، ونزَّهوا الله عزَّ وجلَّ أن يكون في ملكه ما لا يشاء، أو أن (١) يقدر خلقه على ما لا يدخل تحت قدرته ولا مشيئته، وأن (٢) يكون شيء من أفعالهم واقعًا بغير اختياره وبدون مشيئته، ومن قال ذلك فلم يعرف ربَّه ولم يُثبت له كمال الرُّبوبيّة.

ونزَّهوه مع ذلك عن العبث وفعل القبيح، وأن يخلق شيئًا سدًى، وأن تخلو أفعاله عن حكمٍ (٣) بالغةٍ لأجلها أوجدها، وأسبابٍ بها سبَّبها، وغاياتٍ جُعلت طرقًا ووسائل إليها، وأنَّ له في كلِّ ما خلقه وقضاه حكمةً بالغةً، وتلك الحكمة صفةٌ له قائمةٌ به، ليست مخلوقةً كما تقول القدريَّة النُّفاة للقدر والحكمة في الحقيقة.

وأهل الصِّراط المستقيم بريئون من الطائفتين، إلّا من حقٍّ تتضمَّنه مقالاتهم فإنّهم يوافقونهم عليه، ويجمعون حقَّ كلٍّ منهما إلى حقِّ الأخرى، ولا يبطلون ما معهم من الحقِّ لما قالوه من الباطل، فهم شهداء الله على الطوائف، أُمَناءُ عليهم، حُكَّامٌ بينهم، حاكمون عليهم، ولا يحكم عليهم منهم أحدٌ، يكشفون أحوال الطوائف، ولا يكشفهم إلّا من كشف (٤) عن معرفة ما جاءت به الرُّسل وعرف الفرق بينه وبين غيره ولم يلتبس عليه. وهؤلاء أفراد العالم ونخبته وخلاصته، ليسوا من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا، ولا من


(١) ج، ن: «وأن».
(٢) ع: «أو أن».
(٣) ش، ج، ن: «حكمة».
(٤) ع: «كشف له».

<<  <  ج: ص:  >  >>