للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت أوصافه صفاتِ كمالٍ، وأفعالُه حِكَمًا ومصالح، وأسماؤه حسنى، ففرض تعطيلها عن موجَباتها مستحيلٌ في حقِّه، ولهذا ينكر سبحانه على من عطَّله عن أمره ونهيه وثوابه وعقابه، وأنّه نَسَبه إلى ما لا يليق به بل (١) يتنزَّه عنه، وأنّ ذلك حكمٌ سيِّئ ممَّن حكم به عليه، وأنَّ من نسبه إلى ذلك فما قدره حقَّ قدره، ولا عظَّمه حقَّ تعظيمه، كما قال تعالى في حقِّ منكري النبوات (٢) وإرسال الرُّسل وإنزال الكتب: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١].

وقال في حقِّ منكري المعاد والثواب والعقاب: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧].

وقال في حقِّ من جوَّز عليه التسوية بين المختلفين، كالأبرار والفجّار، والمؤمنين والكفّار: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١]، فأخبر أنّ هذا حكمٌ سيِّئ لا يليق به، تأباه أسماؤه وصفاته.

وقال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} (٣) [المؤمنون: ١١٥ - ١١٦] عن هذا الظّنِّ والحسبان الذي تأباه أسماؤه وصفاته. ونظائر هذا في القرآن كثير، ينفي عن نفسه خلاف موجَب أسمائه وصفاته، إذ ذلك مستلزمٌ تعطيلها عن كمالها ومقتضاها.


(١) ج، ن: «وأنه».
(٢) ع: «منكرين النبوات»، وفي هامشه إشارة إلى نسخة: «منكري النبوة».
(٣) في ع أُكملت الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>