للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحوال النّاس، وفَهِم حينئذٍ معنى قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: ٣٣]، وقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨]. وكل ما تراه في الوجود من شرٍّ وألمٍ وعقوبةٍ وجدبٍ وخوفٍ ونقصٍ في نفسك وفي غيرك فهو من قيام الرّبِّ تعالى بالقسط، وهو عدل الله وقسطه، وإن أجراه على يد (١) ظالمٍ فالمسلِّط له أعدل العادلين، كما قال تعالى لمن أفسد في الأرض: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} [الإسراء: ٥].

فالذُّنوب مثل السُّموم مضرَّةٌ بالذَّات، فإنْ تدارَكها مِن سقيٍ بالأدوية المقاومة لها، وإلّا قهرت القوَّة الإيمانيّة وكان الهلاك، كما قال بعض السّلف: المعاصي بريد الكفر، كما أنَّ الحُمَّى بريد الموت (٢).

فشهود العبد نقصَ حاله إذا عصى ربّه، وتغيُّرَ القلوب عليه، وجفولَها منه، وانسدادَ الأبواب في وجهه، وتوعُّرَ المسالك عليه، وهوانَه على أهل بيته وأولاده وزوجته وإخوانه؛ وتطلُّبُ (٣) سبِب ذلك حتّى يعلم من أين أُتي؛ ووقوعُه (٤) على السّبب الموجِب لذلك= ممّا (٥) يقوِّي إيمانه. فإن أقلع


(١) ع: «يدَي».
(٢) قاله أبو حفص النيسابوري الزاهد (ت ٢٦٤). أسنده عنه السلمي في «الطبقات» (ص ١٠٤)، وأبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٢٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٦٨٣١).
(٣) ج، ن، ع: «تطلُّبُه».
(٤) واو العطف ساقطة من ل، م، ن. وفي ج إشارة إلى أنه في نسخة: «ووقوفه».
(٥) ج، ن: «ما»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>