للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتداركه بالتّوبة (١) انتظرت أثره السيِّئ، فإذا أصابني ــ أو (٢) فوقه أو دونه ــ كما حسبت يكون هجِّيراي: أشهد أن لا إله إلَّا الله (٣)، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله. ويكون ذلك من شواهد الإيمان وأدلَّته، فإنَّ الصادق متى أخبرك أنَّك إذا فعلت كذا وكذا ترتّب عليه من المكروه كذا وكذا، فجعلت كلَّما فعلت شيئًا من ذلك حصل لك ما قال من المكروه= لم تزدد إلّا علمًا بصدقه وبصيرةً فيه، وليس هذا لكلِّ أحدٍ، بل أكثر النّاس تَرِين الذُّنوبُ على قلبه، فلا يشهد شيئًا من ذلك ولا يشعر به البتَّة.

وإنَّما يكون هذا لقلبٍ فيه نور الإيمان، وأهوية الذُّنوب والمعاصي تعصف فيه، فهو يشاهد هذا وهذا، ويرى حال مصباح إيمانه مع قوَّة تلك الأهوية والرِّياح، فيرى نفسه كراكب البحر عند هَيَجان الرِّيح (٤) وتقلُّب السّفينة وتكفُّئها، ولاسيَّما إذا انكسرت به وبقي على لوحٍ تلعب به الرِّياح، فهكذا المؤمن يشاهد نفسه عند ارتكاب الذُّنوب إذا أريد به الخير، وإن أريد به غير ذلك فقلبه في وادٍ آخر.

ومتى انفتح هذا الباب للعبد انتفع بمطالعة تاريخ العالم وأحوال الأمم وماجَرَيات (٥) الخلق، بل انتفع بماجَرَياتِ (٦) أهلِ زمانه وما يشاهده من


(١) «بالتوبة» ساقط من ج، ن.
(٢) ج، ن: «ما».
(٣) الشهادة الأولى ليست في ع.
(٤) ع: «الرياح».
(٥) أي: الوقائع. كلمة مولَّدة من «ما جَرَى».
(٦) ن: «بماجريانات»، خطأ. وكذا كان في ج ثم أُصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>