للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما حصل للعبد حالٌ مكروهةٌ قطُّ إلّا بذنبٍ، وما يعفو الله عنه أكثر. وقال (١) تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠]، وقال لخيار خلقه وأصحاب نبيِّه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥]، وقال: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩]، والمراد بالحسنة والسيِّئة هنا النِّعم والمصائب التي تصيب العبد من الله، ولهذا قال: {مَا أَصَابَكَ} ولم يقل: «ما أصبت». فكلُّ نقصٍ وبلاءٍ وشرٍّ في الدُّنيا والآخرة فبسبب الذُّنوب ومخالفةِ أوامر الرّبِّ تعالى، فليس في العالم شرٌّ قطُّ إلّا الذُّنوب وموجباتها.

وآثار الحسنات والسيِّئات في القلوب والأبدان والأموال أمرٌ مشهود في العالم، لا ينكره ذو عقلٍ سليمٍ، بل يعرفه المؤمن والكافر، والبرُّ والفاجر. وشهود العبد هذا في نفسه وفي غيره وتأمُّلُه ومطالعته ممّا يقوِّي إيمانه بما جاءت به الرُّسل، وبالثواب والعقاب، فإنَّ هذا عدل مشهود محسوس في هذا العالم، ومثوبات وعقوبات عاجلةٌ دالَّةٌ على ما هو أعظم منها لمن كانت له بصيرة، كما قال لي (٢) بعض النّاس: إذا صدر منِّي ذنبٌ ولم أبادره ولم


(١) واو العطف ساقطة من ش، ع.
(٢) «لي» ليست في ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>