للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه ستَّة أمورٍ ضروريَّة للعبد معرفتُها. ومشاهدتُها ومطالعتُها تُشهده (١) الآخرة حتى كأنَّه فيها، وتغيِّبه عن الدُّنيا حتى كأنه ليس فيها، وتميِّز له بين الحقِّ والباطل في كلِّ ما اختَلَف فيه العالَم، فتريه الحقّ حقًّا والباطل باطلًا، وتعطيه فرقانًا ونورًا يفرِّق به بين الهدى والضلال والغيِّ والرَّشاد، وتعطيه قوَّةً في قلبه وحياةً وسعةً وانشراحًا وبهجةً وسرورًا، فيَصير في شأنٍ والناس في شأنٍ آخر.

فإنَّ معاني القرآن دائرةٌ على التَّوحيد وبراهينه، والعلم بالله وما له من أوصاف الكمال، وما يتنزَّه عنه من سمات النّقص (٢)؛ وعلى الإيمان بالرُّسل، وذكر براهين صدقهم وأدلَّة صحَّة نبوَّتهم، والتّعريف بحقوقهم وحقوق مُرسِلهم؛ وعلى الإيمان بملائكته ــ وهم رسله في خلقه وأمره، وتدبيرُهم الأمورَ بإذنه ومشيئته ــ، وما جُعلوا عليه من أمر العالم العلويِّ والسُّفليِّ، وما يختصُّ بالنوع الإنسانيِّ منهم حين يستقرُّ في رحم أمِّه إلى أن يوافي ربَّه ويَقْدَمَ عليه؛ وعلى الإيمان باليوم الآخر وما أعدَّ الله فيه لأوليائه من دار النعيم المطلق التي لا يشوبها ألم ولا نكد ولا تنغيص، وما أعدَّ لأعدائه من دار العقاب الوبيل التي لا يخالطها سرور ولا رخاء ولا راحة ولا فرح، وتفاصيلِ ذلك أتمَّ تفصيلٍ وأبينَه؛ وعلى (٣) تفاصيل الأمر والنهي، والشرع


(١) كذا في الأصل. وفي سائر النسخ: «فتشهده»، وعليه يكون «مشاهدتُها ومطالعتُها» معطوفًا على «معرفتها».
(٢) علَّق ابن أبي العز في هامش نسخته (ل) بإزاء هذه الفقرة: «وما يجب ويجوز ويستحيل للحق وللخلق».
(٣) واو العطف ساقطة من جميع النسخ عدا ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>