للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودَّةٍ في الدُّنيا وقضاء وَطَرِ بعضهم من بعضٍ تنقلب إذا حقَّت الحقائق عداوةً، يعضُّ (١) المخالط عليها يديه ندمًا، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: ٢٧ - ٢٩]. وقال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧].

وقال خليله إبراهيم عليه السلام لقومه: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [العنكبوت: ٢٥]. وهذا شأن كلِّ مشتركين في غرضٍ، يتوادُّون ما داموا متساعدين على حصوله، فإذا انقطع ذلك الغرض أعقب ندامةً وحزنًا وألمًا، وانقلبت تلك المودَّة بغضًا ولعنةً وذمًّا من بعضهم لبعضٍ لمَّا انقلب ذلك الغرض خزيًا (٢) وعذابًا، كما يُشاهَد في هذه الدار من أحوال المشتركين في خَرْبةٍ (٣) إذا أُخِذوا وعوقبوا، فكلُّ متساعدين على باطلٍ متوادِّين عليه لا بدَّ أن تنقلب مودَّتُهما بغضًا وعداوةً.

والضابط النافع في أمر الخلطة أن يخالط الناس في الخير كالجمعة


(١) ع: «ويعضُّ».
(٢) م، ع: «حزنًا»، تصحيف.
(٣) الخربة: الجناية والبليَّة. وقد تصحَّفت الكلمة في النسخ المطبوعة إلى: «خزيه» أو «خزية».

<<  <  ج: ص:  >  >>