للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجماعات (١)، والأعياد والحجِّ، وتعليم العلم، والجهاد والنصيحة. ويعتزلهم في الشّرِّ وفضول المباحات، فإذا (٢) دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشرِّ ولم يُمكنه اعتزالهم فالحذرَ الحذرَ أن يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنَّهم لا بدَّ أن يؤذوه إن لم يكن له قوَّة ولا ناصر، ولكن أذًى يعقبه عزٌّ ومحبَّة له وتعظيم، وثناءٌ عليه منهم ومن المؤمنين ومن ربِّ العالمين. وموافقتهم يعقبها ذلٌّ وبغضٌ له ومقتٌ، وذمٌّ منهم ومن المؤمنين ومن ربِّ العالمين، فالصبر على أذاهم خير وأحسنُ عاقبةً وأحمدُ مآلًا.

وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعةً لله إن أمكنه، ويشجِّع نفسه ويقوِّي قلبه، ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطعِ له عن ذلك بأنَّ هذا رياء ومحبَّة لإظهار علمك وحالك، ونحو ذلك، فليحاربه وليستعن بالله تعالى، ويؤثِّر فيهم من الخير ما أمكنه. فإن عجَّزته المقادير عن ذلك، فليَسُلَّ قلبه من بينهم كسَلِّ الشعرة من العجين، وليكن فيهم حاضرًا غائبًا، قريبًا بعيدًا، نائمًا يقظانَ (٣)، ينظر إليهم ولا يبصرهم، ويسمع كلامهم ولا يعيه، لأنَّه قد أخذ قلبه من بينهم، ورقي به إلى الملأ الأعلى، يسبِّح حول العرش مع الأرواح العُلويَّة الزاكيَّة.

وما أصعبَ هذا وأشقَّه على النُّفوس، وإنَّه ليسير على من يسَّره الله عليه، فبين العبد وبينه أن يَصدُقَ الله ويديم اللَّجأ إليه، ويُلقي نفسه على بابه طريحًا


(١) ع: «والجماعة».
(٢) ع: «فإن».
(٣) طبعة الفقي والصميعي: «يقظانًا» خلافًا للنسخ ولقاعدة اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>