للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يصعد عن علائق الأسماء والصِّفات إلى الذات، فإنَّ شهود الذات بدون علائق الأسماء والصِّفات عندهم هو حضرة الجمع. وهذا موضع مزلَّة أقدامٍ ومضلَّة أفهامٍ لا بدَّ من تحقيقه، فنقول:

التفرقة تفرقتان: تفرقة في المفعولات، وتفرقة في معاني الأسماء والصِّفات.

والجمع جمعان: جمع في الحكم الكوني، وجمع ذاتي. فالجمع في الحكم الكوني: اجتماع المفعولات كلِّها في القضاء والقدر والحكم، والجمعُ الذاتي: اجتماع الأسماء والصِّفات في الذاتِ؛ فالذاتُ واحدةٌ جامعةٌ للأسماء والصِّفات، والقضاءُ والقَدَرُ جامعٌ لجميع المَقضيَّات والمقدورات.

والشُّهود مترتِّب على هذا وهذا (١). فشهود اجتماع الكائنات في قضائه وقدره وإن كان حقًّا فهو لا يعطي إيمانًا، فضلًا عن أن يكون أعلى مقامات الإحسان، والفناء في هذا الشُّهود غايته فناءٌ في توحيد الرُّبوبيَّة الذي لا ينفع وحده، ولا بدَّ منه. وشهودُ اجتماع الأسماء والصِّفات في وحدة الذَّات شهودٌ صحيحٌ، وهو شهودٌ مطابقٌ للحقِّ في نفسه.

وأمّا الصُّعود من شهود تفرقة الأسماء والصِّفات وعلائقها إلى وحدة الذات المجرَّدة، فغايته أن يكون صاحبه معذورًا لضيق قلبه عن تفرقة الأسماء ومعاني الصفات وغلبة المشهود (٢) على قلبه (٣). وأمَّا أن يكون


(١) «وهذا» من ع، والسياق يقتضيها.
(٢) ش، ج، ن، ع: «الشهود».
(٣) «عن تفرقة الأسماء ... على قلبه» ساقط من طبعة الفقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>