للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمودًا في شهوده ذاتًا مجرَّدةً عن كلِّ اسمٍ وصفةٍ وعن علائقها، فكلَّا ولمَّا (١)!

وأيُّ إيمانٍ يعطي ذلك؟ وأيُّ معرفة؟ وإنّما هو سلب ونفي في الشُّهود، كالسَّلب والنفي في العلم والاعتقاد، فنسبته إلى الشُّهود كنسبة نفي الجهميَّة وسلبهم إلى الأخبار، لكنَّ الفرق بينهما أنَّ ذلك السلب في العلم والاعتقاد مخالفٌ للحقِّ الثابت في نفس الأمر، وكذبٌ على الله، ونفيٌ لما يستحقُّه من صفات كماله ونعوت جلاله ومعاني أسمائه الحسنى. وأمَّا هذا السلب ففي الشُّعور به للصُّعود منه إلى الجمع الذاتيِّ، مع الإيمان به والاعتراف بثبوته، فهذا لون وذاك لون.

والكمال في (٢) شهود الأمر على ما هو عليه، فيشهد الذات موصوفةً بصفات الجلال منعوتةً بنعوت الكمال، وكلَّما كثر شهوده لمعاني الأسماء والصِّفات كان أكمل. نعم، قد يُعذَر في الفناء في الذات المجرَّدة لقوَّة الوارد وضَعف المحلِّ عن شهود معاني الأسماء والصِّفات.

فتأمَّل هذا الموضع وأعطه حقَّه، ولا يصدنَّك عن تحقيقه (٣) ما يحيل عليه أرباب الفناء من الكشف والذوق، فإنَّا لا ننكره ونقرُّ به، لكنَّ (٤) الشأن


(١) التعبير عن توكيد النفي بـ «كلا ولمَّا» له نظائر في كتب المؤلف، وقد استعمله شيخ الإسلام أيضًا. انظر تعليق شيخنا محمد أجمل الإصلاحي على «زاد المعاد» (١/ ١٢).
(٢) «في» ساقطة من ع.
(٣): «تحقيق ذلك».
(٤) ع: «ولكن».

<<  <  ج: ص:  >  >>