للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مرتبته، وبالله التّوفيق.

وأمَّا (رفض المعارضات)، فيحتمل أمرين:

أحدهما: رفض ما يعارض شهوده الجمعيَّ من التفرُّقات، وهو مراده.

والثاني: رفض ما يعارض إرادته من الإرادات، وما يعارض مراد الله من المرادات، وهذا أكمل من الأوَّل وأعلى منه.

وأمّا (قطع المعاوضات)، فهو تجريد المعاملة عن إرادة المعاوضة، بل يجرِّدها (١) لذاته، وأنَّه أهلٌ أن يُعبَد ولو لم يحصل لعابده عِوَض منه، فإنَّه يستحقُّ أن يُعبد لذاته لا لعلَّةٍ، ولا لغرضٍ (٢) ولا لمطلوبٍ.

وهذا أيضًا موضعٌ لا بدَّ من تحريره (٣) فيقال: ملاحظة المعاوضة ضرورية للعامل، وإنَّما الشأن في ملاحظة الأعواض وتبايُنها، فالمحبُّ الصادق الذي قد تجرَّد عن ملاحظة عوضٍ قد لاحظ أعظم الأعواض وشمَّر إليها، وهي قربه من الله ووصولُه إليه، واشتغالُه به عمَّا سواه، والتنعُّم بحبِّه ولذَّة الشَّوق إلى لقائه، فهذه أعواضٌ لا بدَّ للخاصَّة منها، وهي من أجلِّ مقاصدهم وأعواضهم، ولا تقدح في مقاماتهم وتجريد عبوديَّاتهم، بل أكملُهم عبوديةً أشدُّهم التفاتًا إلى هذه الأعواض.

نعم، طلب الأعواض المنفصلة المخلوقة من الجاه والمال والرِّياسة والملك، أو طلبُ الحور العين والقصور والولدان ونحو ذلك بالنِّسبة إلى


(١) ل: «تجردها».
(٢) ع: «لعوض».
(٣) في طبعتي الفقي والصميعي: «تجريده»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>