للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ من قدَّمه على مراد الله فهو أسوأ حالًا ممَّن عرف أنَّه نقصٌ ومحنةٌ وأنَّ مراد الله أولى بالتقديم منه، فهو يتوب منه كلَّ وقتٍ إلى الله.

ثمّ إنَّه وقع من (١) تحكيم الذوق من الفساد ما لا يعلمه إلَّا الله، فإنَّ الأذواق مختلفةٌ في نفسها (٢)، كثيرة الألوان، متباينةٌ أعظم التباين، فكلُّ طائفةٍ لهم أذواقٌ وأحوالٌ ومواجيد، بحسب معتقداتهم وسلوكهم. فالقائلون بوحدة الوجود لهم ذوقٌ وحالٌ ووجدٌ في معتقدهم بحسبه، والنصارى لهم ذوقٌ في النصرانيَّة ووجدٌ (٣) بحسب رياضتهم وعقائدهم. وكلُّ من اعتقد شيئًا وسلك (٤) سلوكًا ــ حقًّا كان أو باطلًا ــ فإنَّه إذا ارتاض وتجرَّد، ولزمه (٥) وتمكَّن من قلبه = بقي له فيه حالٌ وذوقٌ ووجدٌ، فبِذَوق مَن تُوزَن الحقائق إذًا ويُفْرَق (٦) الحقُّ من الباطل؟

وهذا سيِّد أهل الأذواق والمواجيد والكشوف والأحوال من هذه الأُمَّة، المحدَّثُ المكاشَف (٧)، لا يلتفت إلى ذوقه ووجده ومخاطباته في شيءٍ من


(١) ل: «في».
(٢) ع: «أنفسها».
(٣) «ووجدٌ» ساقط من ع.
(٤) ع: «أو سلك».
(٥) ع: «لزمه» بدون واو العطف، فيكون حينئذ جواب «إذا». وعليه فقد زاد الفقي في طبعته واو العطف قبل «بقي» الآتي ليستقيم السياق.
(٦) ع: «ويعرف».
(٧) يعني: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم مُحدَّثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب». أخرجه البخاري (٣٤٦٩) من حديث أبي هريرة، ومسلم (٢٣٩٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>