للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والأعضاء تابعةٌ للقلب، تصلح بصلاحه وتفسد بفساده، فإذا لم يكن قائمًا بعبوديَّته، فالأعضاء أولى أن لا يُعتدَّ بعبوديتها. وإذا فسدت عبوديَّته بالغفلة والوسواس فأنَّى تصحُّ عبودية رعيَّته وجنده، ومادَّتُهم منه، وعن أمره يصدرون، وبه يأتمرون؟

قالوا: وفي «الترمذيِّ» (١)

وغيره مرفوعًا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لا يستجيب الدُّعاء من قلبٍ غافلٍ». وهذا إمَّا خاصٌّ بدعاء العبادة، وإمَّا عامٌّ له ولدعاء المسألة، وإمّا خاصٌّ بدعاء المسألة الذي هو حقُّ (٢) العبد فهو تنبيهٌ على أنَّه لا يقبل دعاء العبادة الذي هو خالصُ حقِّه من قلب غافل.

قالوا: ولأنَّ عبوديَّة مَن غلب عليه الغفلة والسهو في الغالب لا تكون مصاحبةً الإخلاصَ (٣)، فإنَّ الإخلاص قصد المعبود وحده بالتعبُّد، والغافل لا قصد له، فلا عبودية له.

قالوا: وقد قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ


(١) برقم (٣٤٧٩)، وأخرجه أيضًا ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢١٩) والطبراني في «الأوسط» (٥١٠٩) والحاكم (١/ ٤٩٣) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: «حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه». وفي إسناده صالح المُرِّي، واهي الحديث جدًّا مع صلاحه في نفسه، ولذا تُعقِّب الحاكم في قوله: «حديث مستقيم الإسناد تفرد به صالح المري وهو أحد زهَّاد أهل البصرة».

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد (٦٦٥٥) بإسناد ضعيف فيه ابنُ لَهِيعة. وشاهد آخر عند ابن المبارك في «الزهد» (٨٥ - رواية نعيم) بإسناد جيد عن صفوان بن سُلَيم مرسلًا.
(٢) في جميع النسخ عدا ل، ع: «في»، تحريف.
(٣) ع: «للإخلاص».

<<  <  ج: ص:  >  >>