للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاهُونَ} [الماعون: ٤]، وليس السهو عنها تركها، وإلَّا لم يكونوا مصلِّين، وإنّما هو السهو عن واجبها، إمَّا الوقت كما قال ابن مسعودٍ وغيرُه (١)، وإمَّا الحضور والخشوع. والصواب أنَّه يعمُّ النوعين، فإنَّه سبحانه أثبت لهم صلاةً ووصفهم بالسهو عنها، فهو السهو عن وقتها الواجب أو إخلاصها وحضورها الواجب، ولذلك وصفهم بالرِّياء، ولو كان السهو سهوَ تركٍ لما كان هناك رياء.

قالوا: ولو قدَّرنا أنَّه السهو عن واجب الوقت فقط، فهو تنبيهٌ على التّوعُّد بالويل على سهو الإخلاص والحضور بطريق الأولى لوجوهٍ:

أحدها: أن الوقت يسقط في حال العذر وينتقل إلى بدله، والإخلاص والحضور لا يسقط بحالٍ ولا بدل له.

الثاني: أن واجب الوقت يسقط لتكميل مصلحة الحضور، فيجوز الجمع بين الصلاتين للشُّغل المانع من فعل إحداهما في وقتها بلا قلبٍ ولا حضورٍ، كالمسافر والمريض وذي الشُّغل الذي يحتاج معه إلى الجمع، كما نصَّ عليه أحمد (٢) وغيره.

فبالجملة: مصلحة الإخلاص والحضور وجمعيَّة القلب على الله تعالى في الصلاة أرجح في نظر الشارع من مصلحة سائر واجباتها، فكيف يظنُّ به أنَّه يُبطلها بترك تكبيرةٍ واحدةٍ، أو اعتدالٍ في ركنٍ، أو ترك حرفٍ أو شدَّةٍ من القراءة الواجبة، أو ترك تسبيحةٍ أو قول (سمع الله لمن حمده) أو (ربَّنا ولك


(١) انظر: «تفسير الطبري» (١٥/ ٥٦٩، ٢٤/ ٦٥٩ - ٦٦١).
(٢) في رواية ابن مُشَيش. انظر: «الفروع» (٣/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>