للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد) أو ذكر رسوله بالصلاة عليه، ثمَّ يصحِّحها مع فوات لبِّها ومقصودها الأعظم وروحها وسرِّها؟!

فهذا ما احتجّت به هذه الطّائفة، وهي حججٌ كما تراها قوةً وظهورًا.

قال أصحاب القول الآخر: قد ثبت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في «الصحيح» (١) أنَّه قال: «إذا أذّن المؤذِّن أدبر الشّيطان له ضُراطٌ (٢) حتّى لا يسمع التَّأذين، فإذا قُضي التأذين أقبل، فإذا ثوِّب بالصّلاة أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتَّى يَخطِر بين المرء وبين نفسه، فيذكِّره ما لم يكن يذكر، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لِما لم يكن يذكر، حتَّى يظَلَّ (٣) الرجل إنْ يدري كم صلَّى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس».

قالوا: فأمَرَه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الصَّلاة التي قد أغفله الشيطان فيها حتَّى لم يدر كم صلّى بأن يسجد سجدتي السهو، ولم يأمره بإعادتها، ولو كانت باطلةً كما زعمتم لأمره بإعادتها.

قالوا: وهذا هو السرُّ في سجدتي السهو، ترغيمًا للشَّيطان في وسوسته للعبد وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة، ولهذا سمَّاهما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «المرغمتين» (٤)، وأمر من سها بهما، ولم يفصِّل في سهوه الذي صدر عنه مُوجِب السُّجود بين القليل والكثير والغالب والمغلوب، وقال: «لكلِّ سهوٍ


(١) للبخاري (١٢٣١) ومسلم (٣٨٩/ ٨٣ - ج ١/ ٣٩٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ع: «له حُصاص»، وهو عند مسلم في بعض الروايات.
(٣) رُسم في النسخ بالضاد.
(٤) سبق تخريجه (١/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>