للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجدتان» (١) ولم يستثنِ من ذلك السهو الغالب مع أنَّه الغالب (٢).

قالوا: ولأنَّ شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة، وأمَّا حقائق الإيمان الباطنة فتلك عليها شرائع الثواب والعقاب. فلله تعالى حكمان: حكمٌ في الدُّنيا على الشرائع الظاهرة وأعمال الجوارح، وحكم الآخرة (٣) على الحقائق والبواطن. ولهذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانية المنافقين ويكل سرائرهم إلى الله، ويناكحون ويرثون ويورثون، ويعتدُّ بصلاتهم في أحكام الدُّنيا، فلا يكون حكمهم حكم تارك الصلاة، إذ قد أتوا بصورتها الظاهرة. وأحكام الثواب والعقاب ليس إلى البشر، بل إلى الله يتولَّاه في الدار الآخرة.

قالوا: فنحن في حكم شرائع الإسلام نحكم بصحة صلاة المنافق والمُرائي مع أنها تُسقط عنه العقاب ولا يحصل له الثواب، فصلاة المسلم الغافل المبتلى بالوسواس وغفلة القلب عن كمال حضوره أولى بالصحة.

نعم، لا يحصل مقصود هذه الصلاة من ثواب الله عاجلًا ولا آجلًا، فإنَّ للصلاة مزيدًا عاجلًا في القلب من قوَّة إيمانه واستنارته، وانشراحه وانفساحه، ووَجْد حلاوة العبادة والفرح والسُّرور، واللذَّة التي تحصل لمن اجتمع قلبه وهمُّه على الله وحضر قلبُه بين يديه، كما يحصل لمن قرَّبه


(١) أخرجه أحمد (٢٢٤١٧) وأبو داود (١٠٣٨) وابن ماجه (١٢١٩) من حديث ثوبان، وتمامه: «بعد ما يسلِّم». وإسناده ضعيف، فيه زهير بن سالم العنسي، قال الدارقطني: حمصي منكر الحديث. ويُغني عنه حديث ابن مسعود مرفوعًا: «إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين». أخرجه البخاري (٤٠١) ومسلم (٥٧٢/ ٩٤) واللفظ له.
(٢) «مع أنه الغالب» ساقط من ع.
(٣) م، ج، ن، ع: «حكم في الآخرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>