الحادي عشر: أن يعلم أنَّ تمام عبوديَّته في جريان ما يكرهه من الأحكام عليه. ولو لم يجر عليه منها إلَّا ما يحبُّ لكان أبعدَ شيءٍ عن عبوديَّة ربِّه. فلا تتمُّ له عبوديَّته من الصبر، والتوكُّل، والرِّضا، والتّضرُّع، والافتقار، والذُّلِّ، والخضوع، وغيرها إلَّا بجريان القدر له بما يكرهه. وليس الشأن في الرِّضا بالقضاء الملائم للطبيعة، إنَّما الشأن في الرضا بالقضاء المؤلم المنافر للطبع.
الثاني عشر: أن يعلم أنّ رضاه عن ربِّه في جميع الحالات يثمر له رضا ربِّه عنه، فإذا رضي عنه بالقليل من الرِّزق رضي ربُّه عنه بالقليل من العمل. وإذا رضي عنه في جميع الحالات واستوت عنده، وجده أسرع شيءٍ إلى رضاه إذا ترضَّاه وتملَّقه.
الثالث عشر: أن يعلم أنَّ أعظم راحته وسروره ونعيمه في الرِّضا عن ربِّه في جميع الحالات، فإنَّ الرِّضا باب الله الأعظم، ومستراح العارفين، وجنَّة الدُّنيا. فجديرٌ بمن نصح نفسه أن تشتدَّ رغبته فيه، ولا يستبدل بغيره منه.
الرابع عشر: أنَّ السخط باب الهمِّ والغمِّ والحزن، وشتات القلب، وكسف البال، وسوء الحال، والظنِّ بالله خلاف ما هو أهله. والرِّضا يخلِّصه من ذلك كلِّه ويفتح له باب جنَّة الدُّنيا قبل جنَّة الآخرة.
الخامس عشر: أنَّ الرِّضا يوجب له الطُّمأنينة وبردَ القلب وسكونه وقراره، والسخط يوجب اضطراب قلبه ورَيبه وانزعاجه وعدم قراره.