للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقوبةٌ على غفلته، وإعراضِ قلبه عن ربِّه ووليِّه (١)، ونقص إخلاصه (٢). وإلَّا فمع كمال الإخلاص (٣) والإقبال على الله ــ سبحانه ــ وذكرِه يستحيل صدور الذنب، كما قال تعالى: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخَلِصِينَ (٤)} [يوسف: ٢٤].

فإن قلت: قضاؤه على عبده بإعراضه عنه، ونسيانِه إيَّاه، وعدمِ إخلاصه= عقوبةٌ على ماذا؟

قلت: هذا طبع النفس وشأنها، فهو سبحانه إذا لم يرد الخير بعبده خلَّى بينه وبين نفسه وطبعه وهواه. وذلك يقتضي أثره من الغفلة والنِّسيان، وعدم الإخلاص، واتِّباع الهوى. وهذه الأسباب تقتضي آثارها من الآلام وفوات الخيرات واللذَّات، كاقتضاء سائر الأسباب لمسبَّباتها وآثارها.

فإن قلت: فهلَّا خلقه على غير تلك الصِّفة؟

قلت: هذا سؤال فاسد، ومضمونه: هلَّا خلقه ملكًا لا إنسانًا؟

فإن قلت: فهلَّا أعطاه التوفيق الذي يتخلَّص به من شرِّ نفسه وظلمة طبعه؟

قلت: مضمون هذا السُّؤال: هلَّا سوَّى بين خلقه؟ ولِمَ خلق المتضادَّات والمختلفات؟ وهذا من أفسد الأسوِلة. وقد تقدَّم بيان اقتضاء حكمته وربوبيَّته وملكه لخلق ذلك.


(١) ع: «غفلته عن ربِّه وإعراض قلبه عنه».
(٢) في ع زيادة: «استحق أن يضرب بهذه العقوبة لأن قلوب الغافلين معدن للذنوب، والعقوبات واردة عليها من كل جهة». إقحام يأباه أسلوب المؤلف!
(٣) في ع زيادة: «والذكر»، مع أنه سيأتي قريبًا.
(٤) بكسر اللام على قراءة أبي عمرو وغيره، وبها يتم استدلال المؤلف. انظر: «النشر» (٢/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>