للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثامن والثلاثون: أنّ عدم الرِّضا إمَّا أن يكون لفوات ما أخطأه ممَّا يحبُّه ويريده، وإمَّا لإصابة ما يكرهه ويسخطه. فإذا تيقَّن أنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، فلا فائدة في سخطه بعد ذلك إلَّا فوات ما ينفعه وحصول ما يضرُّه.

التاسع والثلاثون: أنَّ الرِّضا من أعمال القلوب نظيرُ الجهاد من أعمال الجوارح في أنَّ كلَّ واحدٍ منهما ذروة سنام الإيمان. قال أبو الدَّرداء: ذروة الإيمان: الصَّبر للحكم، والرِّضا بالقدر (١).

الأربعون: أنَّ أوَّل معصيةٍ عُصي الله بها في هذا العالم إنَّما نشأت من عدم الرِّضا، فإبليس لم يرض بحكم الله الذي حكم به كونًا مِن تفضيل آدم وتكريمه، ولا بحكمه الديني مِن أمره بالسُّجود له. وآدم لم يرض بما أبيح له من الجنَّة، حتى يضمَّ إليه الأكل من شجرة الحِمى. ثمَّ ترتَّبت معاصي الذرِّيَّة على عدم الصبر والرِّضا.

الحادي والأربعون: أنَّ الراضي واقفٌ مع اختيار الله له، معرضٌ عن اختياره لنفسه. وهذا من (٢) قوَّة معرفته بربِّه ومعرفته بنفسه.

واجتمع وهيب بن الورد، وسفيان الثَّوريُّ، ويوسف بن أسباطٍ، فقال


(١) وتمامه: «والإخلاص للتوكل، والاستسلام للرب». أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٢٣ ــ رواية أبي نعيم)، وابن أبي الدنيا في «الرضا عن الله بقضائه» (٥٨)، وأبو نعيم في «الحلية» (١/ ٢١٦)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٩٨)، من حديث يزيد بن مرثد عن أبي الدرداء. وهو مرسل، يزيد بن مرثد لم يسمع من أبي الدرداء.
(٢) في النسخ عدا ع: «مع»، والظاهر أنه تصحيف، وفي ش عليه إشارة إلى الهامش، ولكن لسوء التصوير لم يظهر ما فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>