للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثوريُّ: قد كنت أكره موت الفَجأة (١) قبل اليوم، وأمَّا اليوم: فوددت أنِّي ميِّت. فقال له يوسف: ولِمَ؟ فقال: لِما أتخوَّف من الفتنة. فقال يوسف: لكنِّي لا أكره طول البقاء. فقال الثوريُّ: ولم تكره الموت؟ قال: لعلِّي أصادف يومًا أتوب فيه وأعمل صالحًا. فقيل لوهيبٍ: أيُّ شيءٍ تقول أنت؟ فقال: أنا لا أختار شيئًا، أَحَبُّ ذلك إليَّ أحبُّه إلى الله. فقبَّل الثوريُّ بين عينيه وقال: روحانيّةٌ وربِّ الكعبة! (٢)

فهذا حال عبدٍ قد استوت عنده حالة البقاء والموت، ووقف مع اختيار الله له منهما (٣).

الثاني والأربعون: أن يعلم أنَّ منع الله سبحانه لعبده المؤمن به المحبِّ له عطاءٌ، وابتلاءَه إيَّاه عافية. قال سفيان الثوريُّ: منع الله عطاءٌ، لأنَّه يمنع عن (٤) غير بخلٍ ولا عدمٍ (٥)، فمَنْعه اختيارٌ وحسن نظرٍ (٦). وهذا كما قال (٧)، فإنَّه


(١) ورسمه يحتمل: «الفُجاءة».
(٢) «قوت القلوب» (٢/ ٤٤ - ٤٥) و «إحياء علوم الدين» (٤/ ٣٥٥).
(٣) زيد في ع: «وقد كان وهيب - رحمه الله - له المقام العالي من الرضا وغيره».
(٤) ش، ن: «من».
(٥) السياق في ع: «وذلك أنه لم يمنع من بخلٍ ولا عدم، وإنما نظر في حقِّ عبده المؤمن»، تصرُّف وإقحام مخالف لمصدر المؤلف.
(٦) ذكره أبو طالب في «قوت القلوب» (٢/ ٤٥)، وهو وهم. وإنما قال ذلك أبو حبيب البدوي لسفيان، كما أسنده أبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٦، ٨/ ٢٨٧ - ٢٨٨). ولم أجد لأبي حبيب هذا ترجمة، ولا ذكره أحد غير أبي نعيم.
(٧) زيد في النسخ عدا ع: «المصنف - رحمه الله -». ولعل المصنف كان قد عدَّل فيما كتبه أولًا أو زاد فيه في هامش نسخةٍ، فكتب هو أو بعضهم في آخره: «المصنف» تنبيهًا على أن التعديل منه، ثم دخلت كلمة «المصنف» في المتن خطأ في النُّسَخ اللاحقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>