للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّ محبوبٍ مطلوبٍ، لأنَّ القناعة به حال الموقن، والأنس مقام المحبِّ، والرِّضا وصف المتوكِّل. يعني: أنت عنده في مقام (١) أصحاب اليمين، فمزيدك عنده مزيد العموم من أعمال الجوارح (٢).

وقوله: «إنَّ معاملته مدخولة» يحتمل وجهين:

أحدهما: أنها ناقصةٌ عن أعمال المقرَّبين التي أوجبت لهم هذه الأحوال.

الثاني: أنها لو كانت صحيحةً سالمةً لا علَّة فيها (٣)، لأثمرت له الأنس والرِّضا والمحبَّة والأحوال العليَّة، فإنَّ الربَّ شكورٌ، إذا وصل إليه عمل عبده جمَّل به ظاهرَه وباطنَه، وأثابه عليه من حقائق المعرفة والإيمان بحسب عمله، فحيث لم يجد له أثرًا في قلبه من الأنس والرِّضا والمحبَّة استدلَّ على أنَّه مدخول غيرُ سالمٍ من الآفات (٤).

الحادي والستُّون: أنَّ أعمال الجوارح تضاعف إلى حدٍّ معلومٍ محسوب، وأمَّا أعمال القلوب فلا ينتهي تضعيفها. وذلك أنَّ أعمال الجوارح لها حدٌّ تنتهي إليه وتقف عنده، فيكون جزاؤها بحسب حدِّها. وأمَّا أعمال القلوب فهي دائمةٌ متَّصلةٌ، وإن توارى شهود العبد لها.

مثاله: أنَّ المحبَّة والرِّضا حال المحبِّ الرّاضي، لا تفارقه أصلًا وإن


(١) ش، ع: «طبقات»، وإليه غُيِّر المثبت في الأصل.
(٢) «يعني ... » إلخ مقتبس من تعليق المكي على الحكاية.
(٣) زيد في ع: «ولا غش».
(٤) انظر كلام شيخ الإسلام الذي سبق أن نقله المؤلف (ص ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>