للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أريد أنَّ شهوده لشكره شهودٌ لنعمة الله عليه به، وتوفيقه له فيه، وإذنه له به (١) ومشيئته، ومنَّته عليه، فشهد عبوديَّته وقيامَه بها وكونَها بالله= فأيُّ دعوى في هذا؟ وأيُّ علَّةٍ؟

نعم، غايته أنَّه لا يجامع الفناء (٢)، فكان ماذا؟! أنتم جعلتم الفناء غايةً، فأوجب لكم ما أوجب، وقدَّمتموه على ما قدَّمه الله ورسوله، فتضمَّن ذلك تقديم ما أخَّر، وتأخير ما قدَّم. وإلغاء ما اعتبر، واعتبار ما ألغى. ولولا منَّة الله على الصادقين منكم بتحكيم الرِّسالة والتقيُّد بالشرع لكان أمرًا غير هذا، كما جرى لغير واحدٍ من السالكين على هذه الطريق الخطرة، فلا إله إلَّا الله، كم بها (٣) من قتيلٍ وسليبٍ، وجريحٍ وأسيرٍ (٤)!

وأمَّا أنَّ (٥) الشاكر فيه بقيَّةٌ من بقايا رسمه، فيقال: إذا كانت هذه البقيَّة محضَ العبوديَّة ومَرْكبَها والحاملةَ لها، فأيُّ نقصٍ في هذا؟ فإنَّ العبوديَّة لا تقوم بنفسها، وإنَّما تقوم بهذا الرسم، فلا نقصَ في حمل العبوديَّة عليه والسَّير به إلى الله.

نعم، النقص كلُّ النقص: حملُ الشهوة (٦) والحظِّ المخالف لمراد الربِّ


(١) ع: «وإرادته» مكان «وإذنه له به».
(٢) زاد في ع: «ولا يخوض تيَّاره».
(٣) ع: «فيها».
(٤) زاد في ع: «وطريد».
(٥) ع: «وأما قولكم: إن».
(٦) ع: «حمل النفس والشهوة».

<<  <  ج: ص:  >  >>