للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسؤال الهداية متضمِّنٌ لحصول كلِّ خيرٍ، وللسَّلامة من كلِّ شرٍّ (١).

الموضع السابع: من معرفة نفس المسؤول، وهو الصِّراط المستقيم. ولا يكون الطَّريق صراطًا حتّى يتضمَّن خمسة أمورٍ: الاستقامة، والإيصال إلى المقصود، والقرب، وسعته للمارِّين عليه، وتعيُّنه طريقًا للمقصود. ولا يخفى تضمُّن الصِّراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة.

فوصفُه بالاستقامة يتضمَّن قربه، لأنّ الخطَّ المستقيمَ هو أقرب خطٍّ فاصلٍ (٢) بين نقطتين، وكلَّما تعوَّج طال وبعُد. واستقامتُه تتضمّن إيصاله إلى المقصود. ونصبُه لجميع من يمرُّ عليه يستلزم سعته. وإضافتُه إلى المنعَم عليهم ووصفُه بمخالفة صراط أهل الغضب والضَّلال يستلزم تعيُّنه طريقًا.

والصِّراط تارةً يضاف إلى الله، إذ هو الذي (٣) شرعه ونصبه، كقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: ١٥٣]، وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣]. وتارةً يضاف إلى العباد كما في الفاتحة، لكونهم أهل سلوكه، وهو المنصوب لهم، وهم المارُّون عليه (٤).


(١) وانظر: "بدائع الفوائد" (٢/ ٤٤٥ - ٤٥٠)، و"الداء والدواء" (ص ٢٨٣)، و"كتاب الصلاة" (ص ٣٥٣)، و"شفاء العليل" (ص ٥٣).
(٢) كذا في الأصل وغيره هنا وفيما يأتي (ص ١٠٩)، والظاهر أنَّ الصواب: "واصل". انظر: "كشاف اصطلاحات الفنون" (١/ ٧٤٧).
(٣) ق: "الدين"، تصحيف.
(٤) لعل المؤلف - رحمه الله - ترك بيان دلالة هذه الجهة السابعة على ثبوت النبوة لفضل وضوحها، فإن الصراط المستقيم المتضمن للأمور المذكورة لا يمكن معرفته إلا عن طريق الرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>