للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبقاء، مصاحبًا له طِيب الحياة، وقرّة العين، ولذّة القلب، وبهجة الرُّوح.

وصاحب «المنازل» - رحمه الله - كأنّه فهم منه اشتياقه إلى المشاهدة من غير غلبةٍ على عقلٍ، ولا فقدٍ لاصطبارٍ، ولهذا قال: «من غيرِ ضرّاء مُضِرّةٍ»، وهي الغلبة على العقل. «ولا فتنةٍ مضلّةٍ»، وهي مفارقة أحكام العلم. وهذا غايته: أن يؤخذ من إشارة الحديث على عادة القوم، وأمّا أن يكون هو نفس المراد فلا.

وإنّما المسؤول أن يهَبَ له شوقًا إلى لقائه، مصاحبًا للعافية والهداية، لا تصحَبه فتنةٌ ولا محنةٌ. وهذا من أجلِّ العطايا والمواهب، فإنّ كثيرًا ممّن يحصل له هذا لا يناله إلّا بعد امتحانٍ واختبارٍ: هل يصلُح أم لا؟ ومن لم يُمتحن ولم يُختبر فأكثرهم لم يُؤهَّل لهذا.

فتضمَّنَ هذا الدُّعاء: حصولَ ذلك، والتّأهيلَ له، مع كمال العافية بلا محنةٍ، والهداية بلا فتنةٍ. وبالله التّوفيق.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: أنسُ اضمحلالٍ في شهود الحضرة، لا يُعبَّر عن عينه، ولا يُشار إلى حدِّه، ولا يُوقَف على كُنْهه).

الاضمحلال: الانعدام. وشهود الحضرة هو مشاهدة الحقيقة، والفناء في ذلك الشُّهود.

قوله: (لا يُعبَّر عن عينه) إلى آخره.


(١) «المنازل» (ص ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>