للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكفرَ به إنكارٌ للصّانع وجحدٌ له؛ وإنّما توحيده إثبات صفات كماله، وتنزيهه عن الشَّبَه (١) والنّقائص. فجعل المعطِّلةُ جحدَ الصِّفات وتعطيلَ الصّانع عنها توحيدًا، وجعلوا إثباتها لله تعالى تشبيهًا وتجسيمًا وتركيبًا. فسمَّوا الباطل باسم الحقِّ ترغيبًا فيه وزخرفًا ينفِّقونه (٢) به، وسمّوا الحقَّ باسم الباطل تنفيرًا عنه. والنّاس أكثرهم مع ظاهر السِّكَّة (٣)، ليس لهم نقد النُّقّاد (٤) و {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (٥) [الكهف: ١٧].

والمحمود لا يُحمَد على العدم والسُّلوب (٦) البتّة، إلّا إذا كانت سلب عيوبٍ ونقائص، تتضمّن إثبات أضدادها من الكمالات الثبوتيّة؛ وإلّا فالسَّلب المحض لا حمد فيه ولا مدح ولا كمال. ولذلك حَمِد نفسَه (٧) على عدم اتِّخاذ الولد المتضمِّن لكمال صمديّته وغناه وملكه وتعبُّدِ كلِّ شيءٍ له، فاتِّخاذُ الولد ينافي ذلك، كما قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: ٦٨]. وحمِد نفسَه على عدم الشّريك، المتضمِّن تفرُّدَه بالرُّبوبيّة والإلهيّة، وتوحُّدَه بصفات


(١) ج، م: "الشبيه".
(٢) م، ش: "ينفقوه"، وكذا كان في ق ثم غُيِّر.
(٣) يعني: الدراهم والدنانير المضروبة. وقد تقدَّم تفسير "السِّكة" (ص ٧).
(٤) ج: "الناقد".
(٥) "المهتدي" هكذا في جميع النسخ ما عدا ع على قراءة أبي عمرو ونافع.
(٦) ج، ع: "السكوت"، تصحيف.
(٧) هكذا في ج. وكذا كان في ق فغيِّر إلى "وكذلك حمده لنفسه" كما في م، ش، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>