للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدَّثين. فالتّحديث إلهامٌ خاصٌّ، وهو الوحيُ إلى غير الأنبياء عليهم السلام إمَّا من المكلَّفين كقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: ٧] وقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [المائدة: ١١١]، وإمّا من غير المكلَّفين كقوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل: ٦٨]. فهذا كلُّه وحيُ إلهامٍ.

وأمّا جعلُه فوق مقام الفراسة فقد احتجَّ عليه بأنَّ الفراسة ربّما وقعت نادرةً كما تقدَّم، والنّادر لا حكم له؛ وربَّما استصعبت على صاحبها واستعصت (١) عليه فلم تطاوعه؛ والإلهامُ لا يكون إلّا في مقامٍ عتيدٍ، يعني في مقام القرب والحضور.

والتّحقيق في هذا أنّ كلّ واحدٍ من "الفراسة" و "الإلهام" ينقسم إلى عامٍّ وخاصٍّ، وخاصُّ كلِّ واحدٍ منهما فوق عامِّ الآخر، وعامُّ كلِّ واحدٍ قد يقع كثيرًا، وخاصُّه قد يقع نادرًا. ولكنّ الفرق الصّحيح: أنّ الفراسة قد تتعلَّق بنوع كسبٍ وتحصيلٍ، وأمّا الإلهام فموهبةٌ مجرَّدةٌ لا تُنال بكسبٍ البتّة.

فصل

قال (٢): (وهو على ثلاث درجاتٍ: الدّرجة الأولى: نبأٌ يقع وحيًا قاطعًا مقرونٌ (٣) بسماعٍ، أو مطلقًا).


(١) ع: "استعصت ... واستصعبت".
(٢) في "المنازل" (ص ٦٦).
(٣) وضع بعضهم في الأصل فوق النون تنوينًا، وكذلك زاد في ل بعد النون ألفًا، ليقرأ "مقرونًا" كما في مطبوعة "المنازل". وفي "شرح التلمساني" (٢/ ٣٦٢) بالرفع كما جاء في النسخ، وعنه ينقل المؤلف متن "المنازل".

<<  <  ج: ص:  >  >>