للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يريد به معنًى آخر، وهو: ما يقوى رسْمُه على القيام به، فإنّ وراء ذلك ما لا يقوى رسمُ العبد على إظهاره ولا القيام به. وهذا أظهر المعنيين من كلامه، وسياقُه إنّما يدلُّ عليه.

ولهذا قال بعد ذلك: (أو يطيقُه إشارةٌ)؛ أي: يقدر (١) على إفهامه وإظهاره هو (٢) إشارةٌ، فتنهض الإشارة بكشفه.

ثمّ قال: (أو يشمله اسمٌ (٣) يعني: أو تناله عبارةٌ.

فذكر الشّيخُ خمسَ مراتب؛ الأولى: مرتبة حمل (٤) العلم له. الثّانية: مرتبة إظهار الوجد له. الثّالثة: مرتبة قيام الرّسم به. الرّابعة: مرتبة إطاقة الإشارة له. الخامسة: مرتبة شمول العبارة له.

ومقصوده: أنّ موجود العارف أخفى وأدقُّ من موجود غيره، فهو غريبٌ بالنِّسبة إلى موجود سواه، وأخبر أنّ موجودَه في هذه المراتب غريبٌ، فكيف بموجودِه الذي لا يحمله علمٌ، ولا يُظهره وَجدٌ، ولا يقوم به رسمٌ، ولا تُطيقه إشارةٌ، ولا تشمله عبارةٌ؟ فهذا أشدُّ غربةً.

قوله: (فغربة العارف: غربة الغربة) الغربة: أن يكون الإنسان من (٥) أبناء جنسه غريبًا، مع أنّ له نسبة بهم (٦).


(١) ط: «لا تقدر».
(٢) ليست في ت، ر.
(٣) ر، ط: «رسم» وتقدم كما هو مثبت.
(٤) ش، د: «حلم»!
(٥) ر: «بين».
(٦) ط: «نسبا»، وفي ر: «نسبة فيهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>