للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّعمة، وكان من المنعَم عليهم غيرِ المغضوب عليهم ــ وهم أهلُ فساد القصد الذين عرفوا الحقّ وعدَلوا عنه ــ والضّالِّين، وهم أهلُ فساد العلم الذين جهلوا الحقَّ ولم يعرفوه.

وحُقَّ لسورةٍ تشتمل على هذا الشفاء (١) أن يُستشفى بها من كلِّ مرضٍ. ولهذا لمّا اشتملت على هذا الشِّفاء الذي هو أعظم الشفاءين، كان حصول الشِّفاء الأدنى بها أولى، كما سنبيِّنه. فلا شيء أشفى للقلوب التي عقلت عن الله تعالى كلامَه، وفهمت عنه فهمًا خاصًّا، اختصَّها به من معاني هذه السُّورة.

وسنبيِّن إن شاء الله تعالى تضمُّنَها للرّدِّ على جميع أهل البدع بأوضح البيان وأحسن الطُّرق.

فصل

وأمّا تضمُّنها لشفاء الأبدان، فنذكر منه ما جاءت به السُّنّة، وما شهد به (٢) قواعد الطِّبِّ، ودلَّت عليه التّجربة.

فأمّا ما دلّت عليه السُّنّة، ففي الصّحيح من حديث أبي المتوكِّل عن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - أنّ ناسًا من أصحاب النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرُّوا بحيٍّ من العرب، فلم يَقْرُوهم، ولم يضيِّفوهم. فلُدِغَ سيِّدُ الحيِّ، فأتوهم، فقالوا: هل عندكم من رقيةٍ، أو هل فيكم من راقٍ؟ فقالوا: نعم، ولكنَّكم لم تَقْرُونا، فلا نفعل حتّى تجعلوا لنا جُعْلًا. فجعلوا على ذلك قطيعًا من الغنم. فجعل رجلٌ منَّا يقرأ عليه بفاتحة الكتاب، فقام كأن لم يكن به قَلَبةٌ. فقلنا: لا تعجلوا حتّى


(١) ع: "هذين الشناءين".
(٢) ش: "شهدته"، وكذا كان في ق، ل فأصلح، ولم ينقط في م، ج إلا حرف الشين.

<<  <  ج: ص:  >  >>