للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نأتي النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتيناه، فذكرنا له ذلك. فقال: "وما يدريك أنّها رقيةٌ؟ كلوا، واضربوا لي معكم بسهمٍ" (١).

فقد تضمّن هذا الحديثُ حصولَ شفاء هذا اللّديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنته عن الدّواء، وربّما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدّواء. هذا مع كون المحلِّ غير قابلٍ، إمّا لكون هؤلاء الحيِّ غيرَ مسلمين، أو أهلَ بخلٍ ولؤمٍ؛ فكيف إذا كان المحلُّ قابلًا!

فصل

وأمّا شهادة قواعد الطِّبِّ بذلك، فاعلم أنَّ اللَّدغة تكون من ذوات الحُمَات والسُّموم، وهي ذوات الأنفس الخبيثة التي تتكيَّف بكيفيّةٍ غضبيّةٍ، تثير (٢) فيها سمِّيّةً ناريّةً، يحصل بها اللَّدغ. وهي متفاوتةٌ بحسب تفاوت خبث تلك النُّفوس وقوّتها وكيفيّتها. فإذا تكيَّفت أنفسُها الخبيثةُ بتلك الكيفيّة الغضبيّة أحدَثَ لها ذلك طبيعةً سمِّيّةً، تجد راحةً ولذّةً في إلقائها إلى المحلِّ القابل؛ كما يجد الشِّرِّيرُ من النّاس (٣) راحةً ولذّةً في إيصال شرِّه إلى من يُوصله به (٤). وكثيرٌ من النّاس لا يهنأ له (٥) عيشٌ في يومٍ لا يؤذي فيه أحدًا من بني جنسه، ويجد في نفسه تأذِّيًا بحمل تلك السَّمِّيّة والشّرِّ الذي فيه، حتّى


(١) أخرجه البخاري (٢٢٧٦) ومسلم (٢٢٠١) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) ل: "تسير". م، ش: "تسري".
(٣) "من الناس" ساقط من ش.
(٤) كذا "به" في الأصل وغيره إلا ج التي لم ترد فيها. وفي نشرة الفقي: "إليه".
(٥) ق، ش، ج: "لا يناله". وكذا كان في ل، م فأصلح. ويبدو أن في هامش ش إشارة لم تظهر في المصورة إلى هذا التصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>