للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفرغه في غيره، فيبرد عند ذلك (١) أنينُه، وتسكن نفسُه. ويصيبه في ذلك نظير ما يصيب من اشتدّت (٢) شهوته إلى الجماع فيسوء خلقُه، وتنغَلُ (٣) نفسُه حتّى يقضي وطره. هذا في قوّة الشّهوة، وذاك في قوّة الغضب.

وقد أقام الله تعالى بحكمته السُّلطانَ وازعًا لهذه النُّفوس الغضبيّة، فلولا هو لفسدت الأرض وخرب العالم. {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٢٥١]. وأباح (٤) بلطفه ورحمته لهذه النُّفوس من الأزواج وملك اليمين ما يكسر حدّتها.

والمقصود: أنّ هذه النُّفوس الغضبيّة إذا اتّصلت بالمحلِّ القابل أثَّرت فيه. ومنها ما يؤثِّر في المحلِّ بمجرّد مقابلته له، وإن لم يمسَّه، فمنها ما يلتمس (٥) البصَر، ويُسْقِط الحبَل.

ومن هذا: نظرُ العائن، فإنّه إذا وقع بصره على المَعِين حدثت في نفسه كيفيّةٌ سمِّيّةٌ أثَّرت في المَعِين بحسب عدم استعداده، وكونه أعزلَ من السِّلاح، وبحسب قوّة تلك النّفس. وكثيرٌ من هذه النُّفوس تؤثِّر في المَعِين إذا وُصِف له، فتتكيَّف نفسُه، وتقابله على البعد، فيتأثَّر به. ومنكر هذا ليس معدودًا من


(١) ش: "فيبرد ذلك عنه"، وأشير إلى هذه النسخة في هامش م.
(٢) تحرَّف في ق، ل إلى "استلت".
(٣) أي تفسد.
(٤) ع: "وأباح الله" بزيادة لفظ الجلالة.
(٥) م، ش، ع: "يطمس"، وكذا في المطبوع، والمثبت من الأصل وغيره صواب محض. والمؤلف يشير إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا ذا الطُّفيتين، فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل" أخرجه البخاري (٣٣٠٨) ومسلم (٢٢٣٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>