للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (واقتحام لجَّة الشوق، والتمكُّن دائم)، اقتحام لجَّة الشوق هو ركوب بحره وتوسُّطُه، لا الدُّخول في حاشيته وطرفه. والتمكُّن المشار إليه هو لزوم أحكام العلم من العمل به، ولزومُ أحكام الورع، والقيامُ بالأوراد الشرعيَّة؛ فلزوم ذلك ودوامه علامة صحَّة الشوق.

قوله: (والغرق في بحر السُّرور، والصبر هائم) أي: يكون المحبُّ غريقًا في بحر السُّرور، لا (١) يفارقه السُّرور، حتَّى كأنَّه بحرٌ قد غرق فيه، فكما أنَّ الغريق لا يفارقه الماء، كذلك المحبُّ لا يفارقه السُّرور (٢).

ومن ذاق مقام المحبَّة عرف صحَّة ما يقوله الشيخ، فإنَّ نعيم المحبَّة في الدُّنيا رقيقة ولطيفة من نعيم الجنَّة في الآخرة، بل هو جنَّة الدُّنيا، فما طابت الدُّنيا إلَّا بمعرفته ومحبَّته، ولا الجنَّة إلَّا برؤيته ومشاهدته، فنعيم المحبِّ دائمٌ، وإن مزج بالآلام أحيانًا. فلو عرف المشغولون بغير الحقِّ سبحانه ما فيه أهلُ محبَّته وذكرِه ومعرفته من النعيم= لتقطعت قلوبهم حسراتٍ، ولعلموا أنَّ الذي حصَّلوه لا نسبة له إلى ما ضيَّعوه وحُرِموه.

كما قيل (٣):

ولا خير في الدُّنيا ولا في نعيمها ... وأنت وحيدٌ مفردٌ غيرُ عاشق


(١) ر: «ولا».
(٢) «حتى كأنه ... السرور» سقط من ش، د.
(٣) أنشده المؤلف في «روضة المحبين» (٢٦١) ومغلطاي في «الواضح المبين» (ص ٦٤) بلا نسبة. وعامَّة الأبيات الآتية أنشدها المؤلف في «روضة المحبين» (ص ٢٦٠ - ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>