للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجود، فهمُّه عمارة وقته الذي هو مادَّة حياته الباقية.

ومن علاماته: أنَّه مستأنسٌ بربِّه، مستوحشٌ ممَّن يقطعه عنه. ولهذا قيل: العارف من أنس بالله فأوحشه من الخلق، وافتقر إلى الله فأغناه عنهم، وذلَّ لله فأعزَّه فيهم، وتواضع لله فرفعه بينهم، واستغنى بالله فأحوجهم إليه (١).

وقيل: العارف فوق ما يقول، والعالم دون ما يقول (٢). يعني أنَّ العالم علمُه أوسع من حاله وصفته، والعارف حاله وصفته فوق كلامه وخبره.

وقال أبو سليمان الدارانيُّ: إنَّ الله تعالى يفتح للعارف (٣) على فراشه ما لا يفتح له وهو قائمٌ يصلِّي (٤). وقال غيره: العارف تنطق المعرفة على قلبه (٥) وحاله وهو ساكتٌ (٦).

وقال ذو النُّون: لكلِّ شيءٍ عقوبةٌ، وعقوبة العارف انقطاعه عن ذكر الله (٧).

وقال بعضهم: رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين (٨). وهذا


(١) ذكر القشيري (ص ٦٤٤) بعضَه بلا نسبة.
(٢) أسنده أبو نُعيم في «الحلية» (١٠/ ٣٩) عن أبي يزيد البُسطامي. وهو في «القشيرية» (ص ٦٤٤) بلا نسبة.
(٣) في د زيادة: «وهو».
(٤) «القشيرية» (ص ٦٤٤).
(٥) ت: «لسانه».
(٦) ذكر القشيري (ص ٦٤٤) نحو معناه عن الجنيد.
(٧) «القشيرية» (ص ٦٤٤)، وقد أسنده أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٣٥٥).
(٨) أسنده أبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٩٧) والقشيري (٦٤٤) عن رُويم.

<<  <  ج: ص:  >  >>