للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفادتَه الهدايةُ النَّبويّةُ، كما قاله محقِّقهم وعارفهم ابنُ سبعين (١).

ومن فروع هذا التّوحيد: أنَّ فرعون وقومه مؤمنون كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة. ومن فروعه: أنَّ عُبَّاد الأصنام على الحقِّ والصَّواب، وأنّهم إنّما عبَدوا عينَ الله سبحانه لا غيره. ومن فروعه: أنَّه لا فرقَ في التَّحريم والتَّحليل بين الأمِّ والأخت والأجنبيَّة. ولا فرقَ بين الماء والخمر، والزِّنى والنِّكاح. الكلُّ من عينٍ واحدةٍ، لا، بل هو العين الواحدة؛ وإنّما المحجوبون عن هذا السِّرِّ قالوا: هذا حرامٌ وهذا حلالٌ. نعم (٢)، هو حرامٌ عليكم، لأنّكم في حجابٍ عن حقيقة هذا التَّوحيد. ومن فروعه: أنَّ الأنبياءَ ضيَّقوا الطَّريقَ على النّاس، وبعَّدوا عليهم المقصود، والأمرُ وراء ما جاؤوا به، ودعَوا إليه.

وأمّا الجهميَّةُ، فالتَّوحيدُ عندهم: إنكارُ علوِّ الله على خلقه بذاته واستوائه على عرشه، وإنكارُ سمعه وبصره وقوّته وحياته وكلامه وصفاته وأفعاله ومحبّته ومحبَّةِ العباد له. فالتّوحيدُ عندهم هو المبالغةُ في إنكار التَّوحيد الذي بعث الله به رسلَه وأنزل به كتبَه.


(١) في خطبة كتابه «بد العارف» (ص ٢٩).
(٢) قبله في ت: «قلت» بخط بارز كأنه تعقيب المؤلف على ما سبق! وفي ر: «قلنا»، وهو جزء من كلام التلمساني. في «مجموع الفتاوى» (١٣/ ١٩٧): «حدَّثني الثقةُ أنه قال للتلمساني: فعلى قولكم لا فرق بين امرأة الرجل وأمِّه وابنته. قال: نعم، الجميع عندنا سواء لكن هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرام عليكم». وفيه (٢/ ٤٧٢): حكى عنه الثقات ذلك. وقد ذكر شيخ الإسلام كلام التلمساني في مواضع كثيرة من كتبه. وانظر: «روضة المحبين» للمؤلف (ص ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>