للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمثلة العلميَّة، التي قال الله تعالى فيها: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهْوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: ٢٧] وقال: {يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ} [النحل: ٦٠]. وكثيرًا ما يقول الرّجلُ لغيره: أنت في قلبي وفي فؤادي، والمراد هذا، لا ذاتُه ونفسُه.

وقوله: (والّذي يشار إليه على ألسنة المشيرين أنّه إسقاطُ الحدث، وإثباتُ القِدَم). إن أريد إسقاطُه من الوجود، فمكابرةٌ للعيان. وإن أريد به إسقاطُه من الشُّهود، فليس ذلك بمأمورٍ به، ولا هو كمالٌ، فضلًا عن أن يكون هو توحيدَ خاصَّة الخاصَّة. فما هذا الإسقاط للحدوث الذي هو نهاية التّوحيد وأعلى مقاماته؟ وهل الكمال إلّا أن يشهد الأشياء على ما هي عليه، كما هي في شهادة الحقِّ سبحانه؟

فإسقاطُ الحدوث كلامٌ لا حاصل له، إذ (١) لا كمال فيه؛ بل إنّما ينفع إسقاطُ الحدوث عن درجة القصد والتّألُّه. فإسقاطُ الحدوث ــ كما تقدَّم ــ ثلاثُ مراتب: إسقاطه عن الوجود وهو مكابرةٌ، وإسقاطه عن الشُّهود وهو نقصٌ، وإسقاطه عن القصود وهو كمالٌ.

ولهذا قال الملحد (٢): «إسقاطُ الحدوث وإثباتُ القِدَم صحيحٌ في نظر الوارد على هذه الحضرة لضعفه، فإذا تمكّن عرَفَ أنَّ الحدوث لم يزل ساقطًا. فلا معنى لقوله: «إسقاط الحدوث»، ولا معنى لقوله: «إثبات


(١) ت: «أو».
(٢) يعني: التلمساني. انظر: «شرحه» (٢/ ٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>