للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ قال (١): (هذا قطب الإشارة إليه على ألسن علماء هذا الطّريق، وإن زخرفوا له نعوتًا، وفصَّلوه فصولًا). يعني: أنَّ قولهم: «التّوحيدُ هو إسقاطُ الحدَث وإثبات القِدَم» هو قطبُ مدار الإشارات إلى التّوحيد عند هذه الطّائفة.

ومع هذا، فلا يصحُّ التّوحيدُ إلّا بإسقاط ما قالوه. ولذلك قال (٢): (فإنّ ذلك التّوحيدَ تزيده العبارةُ خَفاءً، والصِّفة نُفورًا، والبسطُ صعوبةً). فإنّه إذا لم يصحَّ إلّا بإسقاط الإشارة والصِّفة والبسط كانت العبارةُ عنه لا تزيده إلّا خفاءً، ولا الصِّفةُ إلّا نِفارًا، أي هروبًا وذهابًا، والبسطُ والإيضاحُ لا يزيده إلّا صعوبةً لكثرة الإشارات والعبارات.

قوله (٣): (وإلى هذا التّوحيد شخَصَ أهلُ الرِّياضة وأربابُ الأحوال ــ أي تطلّعت (٤) قلوبُهم ــ وله قصَد أهلُ التّعظيم. وإيّاه عنى المتكلِّمون في عين الجمع. وعليه تصطلم الإشارات، ثمّ لم ينطق عنه لسانٌ، ولم تشر إليه عبارةٌ) (٥).

فيقال: يالله العجب! ما هذا السِّرُّ الذي ما تكلَّم الله به، ولا أشار إليه هو ولا رسولُه، ولا نالته إشارةٌ، ولا قامت به عبارةٌ، ولا أشار إليه مكوَّنٌ، ولا


(١) «منازل السائرين» (ص ١١٢).
(٢) المصدر السابق.
(٣) «منازل السائرين» (ص ١١٢ - ١١٣).
(٤) ت: «وتطلعت»، وهو خطأ.
(٥) بعده في «المنازل»: «فإنَّ التوحيد وراء ما يشير إليه مكوَّنٌ، أو يتعاطاه حينٌ، أو يقلُّه سبب». وسيأتي في كلام المؤلف إشارة إلى هذه العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>