للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن (١) بذل الجهد في تلقِّي الأحكام من مشكاة النُّصوص.

وقد علمتَ (٢) بهذا أهلَ البصائر من العلماء من غيرهم.

فصل

المرتبة الثّالثة: البصيرة في الوعد والوعيد. فهو أن تشهدَ قيامَ الله على كلِّ نفسٍ بما كسبَتْ في الخير والشّرِّ، عاجلًا وآجلًا، في دار العمل ودار الجزاء؛ وأنَّ ذلك هو موجَبُ إلهيّته وربوبيّته وعدله وحكمته، وأنَّ الشَّكَّ في ذلك شكٌّ في إلهيّته وربوبيّته، بل شكٌّ في وجوده؛ فإنَّه يستحيل عليه خلافُ ذلك. ولا يليق أن ينسب إليه تعطيلُ الخليقة وإرسالُها هَملًا وتركُها سدًى، تعالى الله عن هذا الحسبان علوًّا كبيرًا. فشهادة العقل بالجزاء كشهادته بالوحدانيّة.

ولهذا كان الصّحيح أنَّ المعادَ معلومٌ بالعقل، وإنّما اهتُدي إلى تفاصيله بالوحي. ولهذا يجعل الله سبحانه وتعالى إنكارَ المعاد كفرًا به سبحانه، لأنّه إنكارٌ لقدرته أو لإلهيّته، وكلاهما (٣) مستلزمٌ للكفر به. قال تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الرعد: ٥].

وفي الآية قولان (٤): أحدهما: إن تعجَبْ من قولهم: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا


(١) ش: "يريحه من". وكذا في م بإهمال الفعل.
(٢) ضبطت التاء في ل بالسكون، يعني: عُلِمَتْ.
(٣) ل، ش: "فكلاهما".
(٤) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>