للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ــ ولم تكن الحسناتُ في كمِّيّتها وكيفيّتها وافيةً بالتّكفير ولا المصائبُ، وهذا إمّا لعِظَم الجناية، وإمّا لضعف الممحِّص، وإمّا لهما= مُحِّص في البرزخ بثلاثة أشياء:

أحدها: صلاة أهل الإيمان عليه، واستغفارهم له، وشفاعتهم له.

الثّاني: تمحيصه بفتنة القبر وروعةِ الفتَّان والعَصْرة والانتهار، وتوابع ذلك.

الثّالث: ما يُهدي إليه إخوانُه المسلمون من هدايا الأعمال، من الصّدقة عنه، والحجِّ عنه، والصِّيام عنه، وقراءة القرآن، والصّلاة؛ وجعل ثوابِ ذلك له. وقد أجمع النّاسُ على وصول الصّدقة والدُّعاء، قال الإمام أحمد رحمةُ الله عليه: لا يختلفون في ذلك. وما عداهما فيه اختلافٌ، والأكثرون يقولون بوصول الحجِّ. وأبو حنيفة - رحمه الله - يقول: إنّما يصل (١) ثوابُ الإنفاق (٢). وأحمدُ ومَن وافقه مذهبُهم في ذلك أوسعُ المذاهب، يقولون: يصل إليه ثوابُ جميع القُرَب بدنيِّها وماليِّها والجامعِ للأمرين (٣). واحتجُّوا بأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لمن سأله: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويّ شيءٌ أبَرُّهما به بعد


(١) بعده في ع زيادة: "إليه".
(٢) في ق، ل هنا حاشية نصُّها: "هذا القول المنسوب إلى أبي حنيفة هو رواية عن محمد بن الحسن - رحمه الله -. وظاهر مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى موافقة الإمام أحمد رحمه الله تعالى". وقد ذكر ابن أبي العز قول محمد في "شرح الطحاوية" (ص ٤٥٨) الذي اعتمد فيه في هذا البحث على كلام ابن القيم في كتاب "الروح".
(٣) للمصنف بحث طويل في إهداء القرب إلى الأموات في كتاب "الروح" (٢/ ٣٥٢ - ٤١٩). وانظر: "المغني" (٣/ ٥١٩ - ٥٢٣)، و"مجموع الفتاوى" (٢٤/ ٣٠٠، ٣١٥، ٣٦٦)، و"جامع المسائل" (٤/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>