للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (١) [الأنعام: ١٤٨]، وقولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} (٢) [النحل: ٣٥]، وقولَهم عن آلهتهم: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠]، وقولهم إذا فعلوا فاحشةً: {وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} (٣) [الأعراف: ٢٨]، فاحتجُّوا بإقرار الله لهم قدرًا وكونًا على رضاه ومحبّته وأمره، وأنّه لو كره ذلك لحال بينهم وبينه، ولما أقرَّهم عليه؛ فجعلوا قضاءَه وقدرَه عينَ محبّته ورضاه. ووَرِثهم مَن سوَّى بين المخلوقات ولم يفرِّقْ بالفرق النَّبويِّ القرآنيِّ.

وطائفةٌ من المشركين ذكرت ذلك معارضين لأمر الله ونهيه وما بعَثَ به رسلَه بقضائه وقدره، فعارضوا الحقيقةَ الدِّينيَّةَ الشَّرعيَّةَ بالحقيقة الكونيَّة القدريَّة. ووَرِثهم مَن يحتجُّ بالقضاء والقدر في مخالفة الأمر والنّهي.

وكلا الطّائفتين (٤) أبطلت أمره ونهيه بقضائه وقدره.

وظنّت طائفةٌ ثالثةٌ أنّ إثباتَ القضاء والقدر يُبطل الشّرائع والنُّبوّات، وأنّ المشركين احتجُّوا على بطلانها بإثباته، فجعلت التّكذيبَ به من أصول


(١) لم ترد هذه الآية في ع. ووقع في النسخ الأخرى في أول الآية سهوًا: "وقال الذين أشركوا"، فأصلح في ل وحدها.
(٢) وردت الآية في ع بزيادة "وقال الذين أشركوا" في أولها.
(٣) هكذا في ع، وهو مقتضى السياق غير أن بعضهم استدرك في هامشها "قالوا" في أول الآية كما في النسخ الأخرى.
(٤) كذا بتذكير "كلا"، وله نظائر كثيرة في كتب المصنف وشيخه. انظر ما علقت على "طريق الهجرتين" (٢/ ٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>